جنيف في 5 أوت-أغسطس 2025
تتابع جمعية ضحايا التعذيب في جنيف ببالغ القلق تطورات الوضع السجني للناشط الحقوقي مهدي بن حميدة، أُوقف يوم 14 فيفري-فبراير 2025، بمجرّد دخوله مطار تونس قرطاج قادما من سويسرا (يَحمِل جنسيتها حاليّا إلى جانب جنسيته التونسيّة)، في زيارة لوالدته المُسِنّة، المقيمة بمدينة المعمورة بالوطن القبلي، حيث بدأ إضرابا عن الطّعام داخل سجن بلّي (40 كلم جنوب شرق العاصمة تونس) يوم 3 أوت-أغسطس 2025، وذلك احتجاجًا على ما اعتبرَه مماطلة ممنهجة وتعطيل مقصود لمسار التقاضي.
ووفق ما أفادت به عائلته، في اتصال سابق بجمعيّة ضحايا التعذيب في جنيف، فإنّ قرار مهدي بن حميدة الدّخول في إضراب عن الطّعام يأتي رفضًا لتأخير جلساته القضائية بدعوى “عدم جهوزية” الاختبارات الفنية على هاتفه الجوال، الذي سبق أن تم حجزه منه، عند وصوله إلى مطار تونس-قرطاج.
وتؤكّد المعطيات التي وصلت الجمعية أن قاضي التحقيق كان قد أهمل عمدًا الرد الرسمي للوكالة الفنية للاتصالات، التي كانت قد طلبت إذنًا قانونيًا لإجراء الاختبارات الفنية. وقد تواصل هذا الإهمال الإداري والقضائي لأكثر من ثلاثة أشهر كاملة، في ما لا يمكن اعتباره إلا مناورة قضائية مُتعمدة تمديد الإيقاف التحفظي خارج الآجال المعقولة.
وجدير بالتذكير أن إيقاف الناشط الحقوقي مهدي بن حميدة تمّ على خلفيّة تغريدات مزعومة على منصّة X، ووقع التحفظ عَلي جواز سفره السويسري يوم الاثنين 17 فيفري-فبراير 2025 . ثمّ عُرِض علي وكيل الجمهورية بتونس الذي أحاله بدوره على قاضي التحقيق. وأمام إنكار المهدي بن حميدة وعدم وجود التدوينات المزعومة، أذن قاضي التحقيق للوِكالة الفنية للاتصالات بتونس بالقيام بالفحص والتدقيق في التدوينات المزعومة على هاتفه المحجوز وأصدر بطاقة إيداع في حقه بالسجن المدني المذكور.
إننا في جمعية ضحايا التعذيب بجنيف نعتبر أن:
إيقاف السيد مهدي بن حميدة تمّ بناء على وشاية لا سند لها تتعلّق بتدوينات منسوبة إليه على منصة “إكس”، دون توفر أي دليل رقمي يثبت صحتها، وهو ما عجزت عن إثباته اختبارات الوكالة الفنية للاتصالات إلى حدّ تاريخ كتابة هذا البيان،
مماطلة قاضي التحقيق وامتناعه المتكرر عن الاستجابة للمراسلات الرسمية للوكالة الفنية تمثّل إمعانا خرقًا سافرًا لمبدأ المحاكمة العادلة؛
دخول المعتقل في إضراب عن الطعام بعد تدهور حالته الصحية سلفًا يُعرّض حياته للخطر ويقع تحت المسؤولية المباشرة للسلطات القضائية والتنفيذية التونسية.
بناء عليه، تطالب الجمعية بـ:
1- الإفراج الفوري وغير المشروط عن السيد مهدي بن حميدة، باعتبار أن الإيقاف بات تعسّفيا ومبتغاه التنكيل به وبعائلته المقيمة بالخارج.
2- وقف التتبعات القضائيّة الظّالمة في حقّ النّاشط الحقوقي مهدي بن حميدة وكلّ سجناء الرّأي والسجناء السياسيين في تونس.
3- دعوة كل الهيئات الوطنية والدولية إلى تحمل مسؤوليتها إزاء هذا الانتهاك الجسيم لحقوق الإنسان في تونس.
4- تذكّر سلطة الأمر الواقع في تونس بالتزامات الدّولة التونسيّة فيما يتعلّق بالاتفاقيات الدولية ومنها المصادقة على انضمام الجمهورية التونسية إلى البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة، المعتمد من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك في 18 ديسمبر-كانون الأوّل 2002، وما يتطلبه ذلك من استتباعات قانونية دوليّة.
5- وإذ نعبّر عن تضامننا الكامل مع السيد مهدي بن حميدة وعائلته، نذكّر أن استمرار السلطة القائمة في استعمال القضاء كأداة للتنكيل السياسي لا يزيد إلا في تعميق العزلة الدولية لتونس وتدهور صورتها الحقوقية.