جنيف، 16 تشرين الأوّل / أكتوبر 2025
تُعرب جمعية ضحايا التعذيب في جنيف عن صدمتها العميقة وإدانتها الشديدة لوفاة المواطن التونسي جهاد الدريدي داخل السجن المدني بمرناق يوم 5 تشرين الأوّل / أكتوبر 2025، في ظروف مريبة تؤكّد وجود شبهة تعذيبٍ ومعاملةٍ قاسيةٍ ومهينة.
ووفق المعطيات التي تحصّلت عليها الجمعية من مصادر حقوقية وإعلامية موثوقة، فإنّ الضحية، أصيل منطقة المروج من ولاية بن عروس، توفي بعد أسبوعين فقط من إيقافه، وقد أفادت عائلته بأنّه تعرّض للضرب المبرّح والتكبيل في اليدين والقدمين، وظهرت على جسده آثار واضحة للقيود والاعتداءات العنيفة، فيما رجّحت العائلة أن تكون الضربات على الصدر والضلوع السبب المباشر في وفاته.
كما أكدت والدة الضحية ومحاميه أنّ جهاد الدريدي كان حاملاً لبطاقة إعاقة ذهنية ويخضع منذ أكثر من عشر سنوات لـعلاجٍ دوائيٍ منتظم، ما يجعل ما تعرّض له جريمةً مزدوجة في حقّ إنسان هشّ كانت الدولة مطالبة بحمايته لا بقتله.
إنّ جمعية ضحايا التعذيب في جنيف تعتبر هذه الحادثة امتدادًا خطيرًا لظاهرة الموت المستراب داخل السجون التونسية، وتحمّل وزارة العدل والإدارة العامة للسجون والإصلاح المسؤولية الكاملة عن استمرار هذه الانتهاكات التي تتناقض مع التزامات تونس الدولية بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
وتدعو الجمعية إلى:
- فتح تحقيق قضائي عاجل ومستقلّ لتحديد المسؤوليات ومحاسبة كل من تورّط مباشرة أو ضمنيًا في وفاة جهاد الدريدي.
- تمكين عائلته من حقّها في الحقيقة والعدالة وجبر الضرر.
- تمكين الهيئات الوطنية والدولية المستقلة من النفاذ الفعلي إلى السجون التونسية ورصد أوضاعها دون قيود.
تُعبّر الجمعية عن صدمتها العميقة إزاء تكرار حالات الوفاة المسترابة داخل السجون التونسية، معتبرة ذلك مؤشّرًا صارخًا على الانهيار الخطير لمنظومة العدالة والمساءلة في البلاد، وعلى عودة ممارسات الدولة البوليسية التي ثار ضدها الشعب التونسي ورفضها بدمائه وتضحياته.
وتحذّر الجمعية من أنّ استمرار هذا الصمت الرسمي المريب إزاء الانتهاكات الجسيمة داخل أماكن الاحتجاز يُشكّل تشجيعًا مباشرًا للجلادين وتواطؤًا ممنهجًا في جرائم التعذيب.
تدعو الجمعية المجتمع الدولي إلى تحمّل مسؤولياته الأخلاقية والقانونية عبر ممارسة ضغط فعلي وحازم على السلطات التونسية من أجل وقف التعذيب، وضمان المساءلة العاجلة عن كلّ جريمة تقع تحت غطاء الدولة.
فـإنّ السكوت عن هذه الجرائم هو تواطؤ مع الجلادين، وإهانة لكرامة الإنسان ولقيم العدالة.