بمناسبة مرور أربع سنوات على انقلاب 25 جويلية 2021 في تونس، تصدر جمعية ضحايا التعذيب بجنيف تقريرًا تحليليًا شاملاً يكشف عن الانهيار الممنهج للحقوق والحريات، وتحول الدولة التونسية إلى منظومة سلطوية مغلقة، تُدار بالمراسيم الفردية، وتُقصي كل معارضة سياسية أو مدنية.
من الانتقال الديمقراطي إلى الدولة البوليسية
يُبرز التقرير كيف قاد الرئيس قيس سعيّد، بعد انتخابه، انقلابًا على دستور الثورة لسنة 2014، عبر تجميد البرلمان، وتجميع السلطات، وتعليق المؤسسات الرقابية، ثم فرض دستور جديد سنة 2022 كرّس الحكم الفردي، وألغى فعليًا كل التوازنات بين السلطات.
قمعٌ ممنهج واستهدافٌ شامل
رصد التقرير انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، منها:
- تفكيك السلطة القضائية وعزل 57 قاضيًا دون إجراءات قانونية.
- استخدام القضاء العسكري لمحاكمة المدنيين.
- التنكيل بالمعارضين السياسيين، وعلى رأسهم الشيخ راشد الغنوشي، الذي يقبع في السجن رغم وضعه الصحي الحرج.
- توظيف المرسوم عدد 54 لسنة 2022 لقمع حرية التعبير وملاحقة الصحفيين والمدونين والمحامين.
- محاكمات جماعية في ما يُعرف بـ”ملف التآمر على أمن الدولة”، أسفرت عن أحكام تجاوزت 866 سنة سجن ضد عشرات المعارضين.
عزلة دولية وانهيار الضمانات القانونية
يشير التقرير إلى القلق المتزايد في صفوف المنظمات الأممية والحقوقية، ومنها المفوضية السامية لحقوق الإنسان وفريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي، الذين طالبوا بإطلاق سراح القاضي بشير العكرمي وتعويضه، ونددوا بتراجع استقلال القضاء وضرب مبدأ المحاكمة العادلة.
شهادة ضد النسيان
يهدف هذا التقرير، الذي تم إنجازه رغم التعتيم الإعلامي والمناخات الترهيبية، إلى تقديم وثيقة توثيقية حقوقية ضد النسيان، وإطلاق جرس إنذار ضد المشروع السلطوي القائم، في ظل تفكك العقد الاجتماعي وغياب أي أفق وطني جامع.