هذا المقال هو ملخص لما جاء في تقرير جمعية ضحايا التعذيب في جنيف حول وضعية المرأة التونسية بعد 25 جويلية 2021. يسلط التقرير الضوء على الانتهاكات التي تعرضت لها النساء الناشطات في المجالات السياسية والمدنية، إضافة إلى توصيات الجمعية بشأن الإجراءات الواجب اتخاذها لحماية حقوق المرأة في تونس. وللاطلاع على التقرير الكامل، تجدونه مرفقًا مع هذا المقال.
واقع المرأة التونسية بعد 25 جويلية 2021
وفقًا للتقرير، فإن النساء التونسيات، بمن فيهن الصحفيات، المحاميات، الناشطات السياسيات والحقوقيات، تعرضن لملاحقات أمنية وقضائية بسبب مواقفهن أو نشاطهن المهني. وقد تم تسجيل حالات خطيرة من الاعتقال التعسفي، والتضييق الإداري، والإهمال الطبي داخل السجون، مما يجعل من الضروري دق ناقوس الخطر حول التدهور المستمر في وضعية المرأة التونسية.
أبرز القضايا المسجلة:
-
شذى الحاج مبارك: صحفية تم الحكم عليها بالسجن 5 سنوات في قضية “أنستالينغو” دون مراعاة حقها في محاكمة عادلة.
-
سوار البرقاوي: ناشطة سياسية وأمينة مال حركة “عازمون”، حُكم عليها بالسجن في إطار حملة تستهدف منافسي الرئيس التونسي في الانتخابات الرئاسية.
-
سعدية مصباح: ناشطة في مكافحة العنصرية، تم اعتقالها بتهمة تبييض الأموال بعد حملة تشويه إعلامي.
-
نسيبة بن علي: برلمانية سابقة، مُنعت من السفر للالتحاق بعائلتها رغم انتهاء مدة تحجير السفر قانونيًا.
-
سنية الدهماني: محامية ومعلقة إعلامية، تعرضت للتنكيل داخل السجن ومنعت من الاستفسار عن انتشار مرض الجرب في سجنها.
-
عائلات السجينات: يواجهن تحديات عديدة، مثل الحرمان من الزيارات المباشرة، ورفض إدارات السجون تلقي الملابس الشتوية والأغطية، فضلاً عن سوء التغذية وظروف الاحتجاز.
المعاناة اليومية لعائلات السجينات
تواجه عائلات السجينات أوضاعًا قاسية بسبب التضييقات المستمرة، حيث يضطر الأهالي للانتظار لساعات طويلة أمام السجون لإيصال حاجيات قريباتهم دون ضمان حصولهن عليها. كما أن غياب الشفافية حول أوضاع السجينات يثير القلق، إذ تحرم الكثير منهن من الرعاية الصحية اللازمة، ما أدى إلى تفاقم أوضاعهن الصحية. ورغم المناشدات العديدة من قبل المنظمات الحقوقية، لا تزال السلطات التونسية ترفض السماح للمراقبين الدوليين بزيارة السجون.
التوصيات العاجلة للجمعية
إزاء هذا الوضع الخطير، تدعو جمعية ضحايا التعذيب في جنيف الحكومة التونسية إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لضمان احترام حقوق المرأة، وتشمل هذه التوصيات:
-
الإفراج الفوري عن جميع السجينات السياسيات والصحفيات والحقوقيات، وضمان عدم الزج بهن في صراعات سياسية.
-
إلغاء المرسوم عدد 54 لسنة 2022، الذي يستخدم كأداة لتكميم الأفواه واستهداف المعارضين.
-
تحسين الأوضاع داخل السجون، من خلال توفير الرعاية الصحية والوقاية من الأمراض، وضمان ظروف احتجاز إنسانية.
-
ضمان حق المرأة في المشاركة السياسية والمدنية دون ملاحقات قضائية أو تهديدات أمنية.
-
مكافحة التحريض الإعلامي ضد الناشطات الحقوقيات، ومحاسبة الجهات التي تروج لخطاب الكراهية والعنف ضد المرأة.
-
احترام التزامات تونس الدولية، لا سيما اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (CEDAW) والاتفاقيات المتعلقة بحقوق الإنسان.
-
ضمان استقلال القضاء والكف عن توظيفه في تصفية الحسابات السياسية، لا سيما في القضايا المتعلقة بالنساء الناشطات.
-
فتح تحقيقات شفافة حول الانتهاكات التي تعرضت لها النساء المعتقلات، ومحاسبة المتورطين في هذه الانتهاكات وفقًا للقوانين الوطنية والدولية.
ضرورة التحرك العاجل
إن تزايد الانتهاكات ضد المرأة في تونس لا يمكن السكوت عنه. فالتضييق على الحريات، واستهداف الناشطات، وانتهاك الحقوق الأساسية، كلها مؤشرات خطيرة تستدعي تدخلاً عاجلاً من الهيئات الحقوقية الدولية. يجب على المجتمع الدولي ممارسة ضغوط فاعلة لإيقاف هذا التراجع الخطير في مجال حقوق الإنسان، وضمان عدم استمرار هذه السياسات القمعية.
الخاتمة
إن ما تعانيه المرأة التونسية اليوم من استهداف واضطهاد يتطلب وقفة حازمة من المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية. فبينما ينادي العالم بالمساواة والتمكين، تواجه النساء في تونس تهديدًا حقيقيًا لمكتسباتهن التاريخية. لذا، تدعو جمعية ضحايا التعذيب في جنيف كافة الجهات المعنية إلى مضاعفة الجهود لحماية حقوق المرأة التونسية، وضمان بيئة سياسية ومجتمعية تحترم حرية التعبير والمشاركة الفاعلة في الشأن العام. إن استمرار هذا الوضع دون تدخل حقيقي من المجتمع الدولي قد يؤدي إلى مزيد من التراجع في حقوق المرأة التونسية، مما يجعل الحاجة ملحة لاتخاذ إجراءات ملموسة وسريعة.
وللمزيد من التفاصيل، ندعوكم إلى الاطلاع على التقرير الكامل المرفق مع هذا المقال.