بيان

بيان للراي العام الوطني والدولي: لا حقوق ولا ديمقراطية بدون قضاء مستقلجنيف في 06 جوان 2022

لقد اتخذ رئيس سلطة الانقلاب في تونس قيس سعيد جملة قرارات تصنف في الأعراف الدولية على اقل تقدير بأنها جرائم ضد حقوق الإنسان المدنية والسياسية المعترف بها في الشرائع الدولية والمواثيق والعهود الناظمة لحقوق الإنسان، فقد قام بحل البرلمان، ورفع الحصانة عن كافة أعضائه، وتولى الاستحواذ على السلطة التنفيذية والتشريعية بالمراسيم والاوامر، وحل الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين وحل المجلس الأعلى للقضاء الذي يتمتع بكونه هيئة دستورية مستقلة، بل استغرق وأشبع الدستور التونسي انتهاكا في حالات وإعراضا عن تطبيق بنوده الواضحة في مسائل تسيير الدولة وترسيخ مبادئ العدالة في هذه الديمقراطية الناشئة.
وكان آخر هذه القرارات ما صدر يوم الأول من جوان بإعفاء 57 قاضياً متهما إياهم بالفساد والتستر على الإرهاب بالرغم مما يُشهد للغالبية الكبرى منهم بنظافة اليد والنزاهة والحرفية.
وإذ تذكر جمعية ضحايا التعذيب في تونس بأن عددا من منتسبي السلطة القضائية الذين مارسوا لمدة ستة عقود قبل الثورة “قضاء التعليمات”، وكان قضاء غير مستقل، يتصرف كجهاز تحت إمرة نظام دكتاتوري، ومارس التنكيل بالمعارضة بأطيافها المختلفة وتستر على جرائم محرمةٍ دوليا كالتعذيب ارتكبت على عشرات الآلاف من الضحايا تسببت في عاهات وأضرار جسدية ونفسية وخلفت معاناة مستمرة في أجساد ونفوس الضحايا يعانون منها لسنوات وربما طيلة حياتهم فهذا فيض من غيض من ممارسة قضاء التعليمات.
وإذ تحيي جمعية ضحايا التعذيب في تونس القضاة الذين صمدوا وقاوموا الاستبداد والدكتاتورية في عهد بورقيبة وبن على ولا يزالون يقاومون الى يومنا هذا.
منذ الثورة توسمت جمعية ضحايا التعذيب في تونس خيراً بعد ما أصبحت سلطة القضاء تتمتع بالاستقلال، وتملك سلطة دستورية، وكان من القضايا الهامة والمحورية التي تبناها القضاء الوطني الشريف متابعة مرتكبي جرائم التعذيب والتجاوزات المخالفة للقوانين الوطنية والدولية في إطار مسار العدالة الانتقالية والمحاكم المتخصصة.
إن جمعية ضحايا التعذيب في تونس ومقرها جنيف، تدين بشدة هذا القرار الجائر الذي اتخذه مسير الدولة التونسية الذي يسيء إلى القضاء التونسي بشكل واضح، ويُهدد مستقبل هيئات العدالة، ومصالح المُتقاضين، ويهدد بشكل صريح وخطير مبادئ راسخة في الفصل بين السلطات، واستقلال القضاء ويعتبر تدخلا صارخا في صلاحيات المجلس الأعلى للقضاء المكلف دستوريا الموكول إليه دستوريا بمحاسبة القضاة وتأديبهم عند الضرورة.
إن جمعية ضحايا التعذيب في تونس، تتضامن مع القضاة المستهدفين وتشد على أيديهم لرفض هذا القرار الجائر وتعتزم على التواصل مع الهيئات الدولية في جنيف والمقرر الخاص لاستقلالية القضاء والمحامون للدفاع عن سلطة قضاء مستقلة وعادلة وفي نفس الوقت تدعو منظمات المجتمع المدني في تونس وفي الخارج لمزيد من التنسيق والتحرك بما يخوله القانون بمتابعة مسير الامر الواقع للدولة التونسية، ومسير وزارة الداخلية ومسيرة وزارة العدل قضائيا بتهم تجاوز وخرق المعاهدات والمواثيق الدولية وعدم احترام أبسط قواعد المحاكمات العادلة في تونس.
وإلى جانب تنديدنا بجل هذه الانتهاكات فإننا ندعو سلطة الانقلاب التراجع عن القرار الأخير الخاص بعزل القضاة وعن باقي القرارات المنتهكة للدستور والقوانين المعمول بها في تونس حالا ونذكر بان لا مفر من الإفلات من العقاب ومتابعة المتورطين في انتهاك الحقوق، والحريات، وتدمير الدولة، والمؤسسات.

رئيس الجمعيّة
عبد النّاصر نايت ليمان

بيان

اترك رد

ادعموا قضايانا الرئيسية