خيمة حقوقية إعلامية لفضح انتهاكات حقوق الإنسان في الإمارات 2022.6.14
على هامش الدورة الخمسين لمجلس حقوق الإنسان المنعقدة في مقر الأمم المتحدة بجنيف، نظّمت جمعية ضحايا التعذيب يوم 14 يونيو 2022، خيمة حقوقية إعلامية تهدف إلى تسليط الضوء على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في دولة الإمارات العربية المتحدة، وخاصة ما يتعلق بـ الاتجار بالبشر، واستدراج النساء الأوكرانيات والقُصّر، وتجارة الجنس والدعارة.
في هذا المقال، نستعرض تفاصيل هذه المبادرة الحقوقية، وظروف انعقادها، وأهم القضايا التي تم تسليط الضوء عليها، مع التركيز على الخلفيات الحقوقية والقانونية لهذه الانتهاكات، وردود الفعل الدولية، بالإضافة إلى أهمية هذا التحرك الإعلامي في تعزيز العدالة الدولية ومساءلة مرتكبي الانتهاكات.
ما هي الخيمة الحقوقية الإعلامية؟
الخيمة الحقوقية الإعلامية هي فعالية ميدانية رمزية، تُنظم في أماكن عامة أو محيطة بمقار المنظمات الدولية، مثل الأمم المتحدة، بهدف لفت الأنظار إلى انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها بعض الدول أو الأنظمة.
يتم خلال هذه الفعاليات تقديم شهادات حية من الضحايا، وعرض وثائق وتقارير حقوقية موثّقة، وتنظيم ندوات حوارية ومداخلات من قبل نشطاء وخبراء ومحامين. وغالبًا ما تستهدف هذه الخيم التأثير على صناع القرار الدوليين وتحفيز المجتمع الدولي على اتخاذ مواقف أكثر حزماً.
أهمية الحدث وتوقيته:
تنظيم الخيمة الحقوقية في 14 يونيو 2022 لم يكن صدفة، بل جاء تزامناً مع انعقاد الدورة 50 لمجلس حقوق الإنسان في جنيف، ما أتاح فرصة ثمينة أمام النشطاء الحقوقيين للوصول إلى وفود الدول الأعضاء، ولفت أنظار وسائل الإعلام العالمية.
توقيت الحدث كان بالغ الأهمية، نظرًا لتزايد التقارير التي توثق انتهاكات الإمارات، في وقت تحاول فيه الدولة تقديم نفسها كـ “واحة للتسامح والانفتاح”.
الانتهاكات المسلّط عليها الضوء:
ركزت الخيمة على عدة انتهاكات ممنهجة وخطيرة تمارسها سلطات الإمارات، أبرزها:
1. الاتجار بالبشر:
وثّقت منظمات دولية شهادات لمهاجرين وعاملات تعرضن للاستغلال الجنسي والعمل القسري داخل الإمارات، خاصة من دول آسيا وأفريقيا. كما أُشير إلى تورّط شبكات دولية مدعومة محليًا في استقدام النساء القاصرات واستغلالهن جنسياً.
2. استدراج النساء الأوكرانيات:
تم عرض وثائق وشهادات حية من نساء أوكرانيات استُدرجن للعمل في الإمارات تحت غطاء وظائف عادية، ليتبين لاحقًا أنهن تعرضن للاستغلال الجنسي والتهديد والابتزاز.
3. تجارة الجنس والدعارة المنظمة:
الخيمة كشفت عن وجود شبكات منظمة للدعارة تنشط في مدن مثل دبي وأبوظبي، وسط تواطؤ أمني وتجاهل قانوني، حيث يتم تسويق النساء عبر الإنترنت ونقلهن بين الفنادق والمناطق السكنية دون رقابة حقيقية.
مشاركة جمعيات دولية وإقليمية:
شارك في تنظيم وتغطية الفعالية عدد من المنظمات الحقوقية الدولية، من بينها:
هيومن رايتس ووتش
المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب
تحالف النساء ضد العنف
جمعيات عربية مهتمة بحقوق الإنسان وحرية الإعلام
حيث قدم ممثلو هذه الجمعيات مداخلات قانونية وتقارير موثقة عن حالات فردية وجماعية لانتهاكات حقوقية داخل الإمارات.
شهادات حية من الضحايا:
ضمن فقرات الخيمة، تم تقديم شهادات مباشرة من ضحايا الاتجار بالبشر، حيث روت بعض النساء كيف تم استدراجهن، ونُقلن إلى الإمارات بجوازات سفر مزورة أو عقود عمل وهمية، قبل أن يجدن أنفسهن ضحايا لشبكات إجرامية.
هذه الشهادات، المؤثرة والمؤلمة، كشفت حجم المعاناة الإنسانية، والفراغ القانوني داخل الإمارات في ما يتعلق بحماية الضحايا ومحاسبة الجناة.
الرد الرسمي الإماراتي:
كالمعتاد، لم يصدر أي رد مباشر من الحكومة الإماراتية على هذه الفعالية، لكن وسائل إعلام مقربة من السلطات حاولت التقليل من أهمية الحدث، متهمة المنظمين بـ “تسييس ملف حقوق الإنسان”.
غير أن الصمت الرسمي وغياب التحقيقات الجادة يعكس تواطؤًا ضمنيًا مع الانتهاكات الموثقة، ويزيد من الضغوط الدولية على الإمارات، خصوصًا مع تكرار الاتهامات.
دور الإعلام في دعم قضايا حقوق الإنسان:
شكلت الخيمة مثالًا حيًا على الدور الحيوي للإعلام الحقوقي في فضح الانتهاكات، وكسر الحصار الإعلامي الذي تفرضه بعض الأنظمة.
فبفضل التغطية الإعلامية المكثفة للحدث، تم نقل صوت الضحايا إلى العالم، وأُجبر العديد من الصحفيين الدوليين على تسليط الضوء على ما يجري خلف أبراج الزجاج في دبي وأبوظبي.
المجتمع الدولي أمام مسؤوليته:
الخيمة لم تكن مجرد فعالية رمزية، بل كانت نداءً عاجلًا للمجتمع الدولي، وخاصة مجلس حقوق الإنسان، بضرورة:
فتح تحقيقات مستقلة في قضايا الاتجار بالبشر في الإمارات
الضغط على الحكومة الإماراتية للامتثال للاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان
فرض عقوبات على المتورطين في انتهاكات جسيمة
دعم منظمات المجتمع المدني والنشطاء العاملين في هذا المجال
الإمارات ومحاولات تلميع الصورة:
تسعى الإمارات إلى تلميع صورتها دوليًا من خلال:
استضافة معارض وفعاليات ثقافية كبرى
توقيع اتفاقيات تعاون مع منظمات دولية
الاستثمار في مشاريع “تسامح” و”حوار أديان”
لكن هذه المساعي تصطدم بواقع حقوقي قاتم، يكشفه النشطاء والمراقبون باستمرار.
خيمة جنيف: بداية لحراك أوسع؟
نجاح الخيمة الحقوقية في جنيف قد يشكل نقطة انطلاق لحملات أوسع في العواصم الأوروبية، خاصة في ظل تصاعد الانتقادات الدولية لسجل الإمارات الحقوقي.
ويمكن لهذا النموذج أن يُعتمد في مناسبات أخرى، مثل دورات الجمعية العامة للأمم المتحدة أو قمم مجموعة العشرين، كوسيلة فعالة في دعم ضحايا الانتهاكات وتسليط الضوء على القضايا المنسية.
خاتمة: لن تُسكت أصوات الضحايا:
في الختام، تُعد الخيمة الحقوقية التي أقيمت في جنيف صرخة في وجه الصمت الدولي والتواطؤ السياسي، ورسالة واضحة بأن الضحايا لن يُنسوا، وأن العدالة لا تسقط بالتقادم.
فضح الانتهاكات، وتوثيقها، ومتابعة الجناة، ليست فقط واجبًا أخلاقيًا، بل مسؤولية قانونية أمام الإنسانية جمعاء.
وستظل هذه الخيمة شاهدًا على أن الحق لا يموت طالما هناك من يطالب به، وأن الحناجر الحرة لا تنكسر أمام الجدران الزجاجية المصقولة، مهما بدا لمعانها.














على هامش انعقاد الدورة 50 لمجلس حقوق الإنسان بمقر الامم المتحدة في جنيف تنظّم جمعيّة ضحايا التّعذيب خيمة حقوقية اعلامية لفضح انتهاكات حقوق الإنسان في الإمارات العربية المتحدة، من اتّجار بالبشر واستدراج النساء الأكرانيات والقصّر وتجارة الجنس والدّعارة
المقالات ذات الصلة
خيمة تضامنيّة حول انتهاكات حقوق الإنسان في الإمارات العربية المتحدة 18 سبتمبر 2020 | AVTT
خيمة تضامنيّة حول انتهاكات حقوق الإنسان في الإمارات العربية المتحدة 28 فبراير 2021 | AVTT
انتهاكات حقوق الإنسان في السودان والإبادة الجماعية الممولة من الإمارات | AVTT
طلب عاجل للتدخل بشأن الشاعر عبد الرحمن يوسف القرضاوي | AVTT
مؤتمر حقوقي دولي يطالب بوقف تسليم عبد الرحمان القرضاوي | AVTT