جنيف في 15 أفريل-نيسان 2025
فُجعت مدينة المزونة -معتمديّة تابعة لمحافظة سيدي بوزيد وسط البلاد- أمس الإثنين 14 أفريل-نيسان 2025، في تلاميذ ثلاثة توفّوا على عين المكان إثر انهيار السور الإسمنتي الخارجي للمعهد الثانوي بالمزونة. والضحايا الثلاثة هم: محمد أمين المسعدي و عبد القادر الذّهبي و محمّد صالح غانمي. وفيما بلغ العدد الجملي للمصابين والوفيات قرابة 17 تلميذا يدرسون بنفس القسم بالمرحلة الثانية بالمعهد، فإنّ تلميذين اثنين لا تزال حالتهما الصحيّة حرجة وقد خضعا البارحة لعمليات جراحية دقيقة بمستشفى مدينة صفاقس.
وفي الوقت الذي انتظر فيه التونسيون حضور مسؤولي وظائف السلطة المطلقة إلى مدينة المزونة لمواساتهم ووعدهم بالتسريع في بحث قضائي جاد وسريع، بدل حشد السلطة الجهوية بسيدي بوزيد قوّات إضافيّة من البوليس التي ألقت الغازات المسيلة للدموع على الجموع الغاضبة بالمدينة، استبق قيس سعيّد، في وقت متأخر من أمس الإثنين، التحقيقات القضائيّة الجادّة حول الفاجعة الأليمة التي هزّت تونس وأسرتها التّربويّة بالقول إنّ وفاة التلاميذ “نتيجة لانهيار جدار كان متداعيا للسقوط منذ وقت طويل شاءت الأقدار ألا يسقط بزلزال قوة رجّته 4 درجات على سلم ريشتر يوم 17 فيفري من السنة الجارية.
ولم يكن هذا الجدار على غرار غيره من الجدران في حاجة لا إلى خبراء ولا إلى لجان بل فقط إلى إعادة بناء من جديد. فالأمر لا يتعلق بالتشريع فقط بل يتّصل بمن هو مدعوّ إلى السهر على تنفيذه. فالثورة التشريعية لن تنجح إلا إذا كانت مصحوبة بثورة في الفكر”!!
إنّ جمعيّة ضحايا التّعذيب في جنيف وإذ تُواسي عائلات التلاميذ الضحايا والأسرة التربوية بالمزونة في مصابها الجلل، فإنّها:
- تعبّر عن استهجانها الكبير للتعامل الفض من قبل سلطة سعيّد ووظائفها المركزية والجهوية مع أحداث فاجعة المزونة، حتى أن مسؤوليه “الوطنيين الذين لا تشوبهم شائبة” قد امتنعوا عن التصريح للإعلام والقيام بواجبهم في مدّ الرّأي العام في تونس بإيضاحات عن الحادثة، وفق ما أشارت إلى ذلك النشرة الإخبارية الرّسميّة للقناة الوطنية !
- تعتبر أنّ استباق قيس سعيّد لأعمال القضاء التحقيقية في فاجعة المزونة، والقول بأنّه بفعل “الأقدار”، يعكس استهانة بأرواح شهداء القلم والعلم واستهانة بمشاعر عائلاتهم ويكشف الرّعونة الشعبويّة التي تسيّر بها سلطة سعيّد الدّولة التونسيّة وشأنها العام.
- تؤكّد أنّ فاجعة سقوط جدار المعهد رغم وجود تنبيهات سابقة من قبل مدير المعهد في مراسلات موجهة للمندوبية الجهويّة بالمحافظة ورغم نشر تنبيهات من قبل مواطني الجهة على وسائل التواصل الاجتماعي، تحذّر من خطورة الشقوق البائنة على السور الخارجي للمعهد، تعكس حالة استهتار سلطات سعيّد وفشل دعاية “البناء والتشييد” التي يتغنى بها سعيّد الصبيحة والمساء.
- تحمّل سلطة سعيّد وقيس سعيّد بصفة شخصيّة مسؤولية أرواح التلاميذ والشباب التونسي التي تزهق في المعاهد وعلى جنباتها وفي مياه البحر، نتيجة استئثاره بالسلطة وتغييب الكفاءات وتعويضها بتنسيقياته الحزبيّة التي يستمرّ في تمكينها من الدّولة ومؤسساتها، في الوقت الذي يزجّ فيه بشباب تونس ومناضليها الأحرار في السجون.
- تذكّر قيس سعيّد ومسؤولي وظائفه بأنّه لا إفلات من العقاب ولا بديل عن المحاسبة القضائيّة الجادّة.