جنيف، في 18 أكتوبر / تشرين الأول 2025
تعبّر جمعية ضحايا التعذيب في جنيف عن قلقها العميق واستنكارها الشديد لما يتعرّض له الوزير الأسبق محمد بن سالم من انتهاك صارخ لحقّه في العلاج والرعاية الصحية، بعد رفض السلطات التونسية تمكينه من إجراء عملية جراحية دقيقة على العمود الفقري بتقنية المنظار خارج مدينة قابس، رغم هشاشة وضعه الصحي وعجزه عن الحركة إلاّ بواسطة كرسيّ متحرّك.
ويُذكر أنّ السيد محمد بن سالم، وزير الفلاحة الأسبق، كان قد أُوقف في مارس / آذار 2023، وبقي أكثر من ستة أشهر رهن الإيقاف التحفظي، قبل أن يُفرج عنه بتاريخ 25 سبتمبر / أيلول 2023 بقرار من محكمة قابس، مع إخضاعه لإقامة جبرية في نفس المدينة منذ ذلك التاريخ إلى اليوم.
ورغم تدهور حالته الصحية ومعاناته من أمراض قلبية وتنفسية مزمنة، رفضت السلطات طلبه العلاجي بإجراء العملية خارج قابس، رغم تأكيد طبيب التخدير أنّ التخدير العام يمثّل خطرًا حقيقيًا على حياته وأنّ التدخّل الجراحي يتطلّب حضور فريق مختصّ في طبّ القلب التدخّلي غير متوفّر في قابس.
إنّ هذا الحرمان المتعمّد من العلاج يمثّل خرقًا جسيمًا للدستور التونسي الذي يضمن في الفصل 38 “الحق في الصحة لكل مواطن”، كما ينتهك التزامات تونس الدولية، ولا سيّما:
- المادة 7 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي تحظر المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة،
- المادة 12 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تضمن لكل إنسان الحق في التمتّع بأعلى مستوى من الصحة البدنية والعقلية،
- والمادتين 2 و16 من اتفاقية مناهضة التعذيب اللتين تلزمان الدولة بمنع أيّ شكل من أشكال التعذيب أو الإهمال الطبي المقصود في أماكن الاحتجاز أو أثناء الإقامة الجبرية.
وتؤكّد الجمعية أنّ الإهمال الطبي المتعمّد في مثل هذه الحالات يُعدّ أحد أشكال التعذيب وسوء المعاملة بموجب القانون الدولي، وتحمّل السلطات التونسية المسؤولية القانونية والأخلاقية الكاملة عن أيّ تدهور في حالة السيد محمد بن سالم.
وتطالب الجمعية بما يلي:
- السماح الفوري للسيد محمد بن سالم بالسفر إلى مركز طبي متخصّص لإجراء العملية بتقنية المنظار في ظروف آمنة،
- فتح تحقيق عاجل ومستقلّ في ظروف منعه من العلاج،
- تمكين المنظمات الحقوقية والطبية المستقلة من متابعة وضعه الصحي ميدانيًا،
- وضمان وقف سياسة الإهمال الطبي والتضييق على المعارضين السياسيين الخاضعين للإيقاف أو الإقامة الجبرية.
وتعتبر جمعية ضحايا التعذيب في جنيف أنّ ما يحدث ليس حادثًا معزولًا بل جزء من نمط متكرّر من الإهمال الطبي الممنهج ضدّ شخصيات معارضة، وتؤكّد أنّها ستواصل توثيق هذه الانتهاكات وإحالتها إلى الآليات الأممية الخاصة بمناهضة التعذيب لضمان المحاسبة وعدم الإفلات من العقاب.