إنهاء مفعول قرار الاختفاء القسري (والإقامة الجبرية على رواية وزارة الداخلية) السّيّد فتحي البلدي

إنهاء مفعول قرار الاختفاء القسري (والإقامة الجبرية على رواية وزارة الداخلية) السّيّد فتحي البلدي 2022.3.8

إنهاء مفعول قرار الاختفاء القسري (والإقامة الجبرية على رواية وزارة الداخلية) السّيّد فتحي البلدي تهنّئ جمعية ضحايا التعذيب السّيّد فتحي البلدي بعد إلغاء وإنهاء مفعول قرار الاختفاء القسري كما نندّد بالمغالطات التّي تقوم بها وزارة الدّاخليّة حول الظّروف الغامضة اللّتي كان فيها خلال فترة احتجازه

 

في عالم تتصارع فيه السلطات الأمنية مع حقوق الإنسان، تبرز قضايا تتطلب الوقوف عندها مطولًا، ومنها قضية السيد فتحي البلدي، التي تعد من أبرز نماذج الاختفاء القسري والإقامة الجبرية التي شهدتها تونس في السنوات الأخيرة. ففي يوم 8 مارس 2022، تم الإعلان عن إنهاء مفعول قرار أمني خطير طال أحد أبرز الناشطين السياسيين، مما يفتح الباب واسعًا أمام مناقشة الجوانب القانونية والحقوقية لمثل هذه القرارات.


من هو فتحي البلدي؟

 

فتحي البلدي هو شخصية سياسية معروفة في تونس، شغل مناصب في الحكومة وله تاريخ طويل من النشاط السياسي. ورغم اختلاف الآراء حول مواقفه، فإن قضيته الأخيرة كشفت هشاشة العلاقة بين السلطة التنفيذية والحقوق الأساسية للمواطنين.


الخلفية القانونية: ماذا يعني الاختفاء القسري؟

 

الاختفاء القسري يُعرف دوليًا بأنه احتجاز شخص من قبل أجهزة الدولة أو وكلائها دون السماح له بالتواصل مع أهله أو محامٍ، ودون إقرار رسمي بمكان وجوده. يُعد هذا الفعل من أخطر انتهاكات حقوق الإنسان، ويُصنف على أنه جريمة بموجب الاتفاقيات الدولية.


موقف وزارة الداخلية: “إقامة جبرية”:

 

حسب رواية وزارة الداخلية التونسية، فإن السيد فتحي البلدي لم يكن ضحية اختفاء قسري، بل كان خاضعًا لـ”الإقامة الجبرية” وفقًا لقوانين الطوارئ. لكن هذا التوصيف يفتح الباب لتساؤلات قانونية جوهرية، أبرزها:
هل تم احترام الإجراءات القانونية؟ وهل تم إشعار السيد البلدي بقرار الإقامة الجبرية؟


الفرق بين الإقامة الجبرية والاختفاء القسري:

 

من المهم توضيح التمييز الدقيق بين الإقامة الجبرية والاختفاء القسري:

  • الإقامة الجبرية: قرار إداري يقيد حركة الشخص، عادة داخل منزله أو منطقة محددة.

  • الاختفاء القسري: يتم دون إعلام الأسرة أو المحامي، وقد يُخفي مكان الاحتجاز تمامًا.

في حالة فتحي البلدي، هناك تناقض واضح بين ما تصر عليه وزارة الداخلية وما تم توثيقه من قبل منظمات حقوق الإنسان.


هل تم احترام حق التقاضي والاعتراض؟

 

أحد الركائز الأساسية لأي نظام قانوني هو حق الفرد في الطعن في القرارات الإدارية. فهل مُنح السيد البلدي فرصة للطعن في القرار الصادر ضده؟ وهل كان له محامٍ يتابع القضية من لحظة احتجازه؟ هذه الأسئلة تبقى بدون إجابة رسمية واضحة، مما يعزز الشكوك حول قانونية الإجراء برمته.


المعايير الدولية: ماذا تقول الاتفاقيات؟

 

تونس صادقت على العديد من الاتفاقيات الدولية مثل:

  • العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

  • الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري

وبالتالي، فإن أي إجراء يخالف هذه الاتفاقيات يُعد خرقًا دوليًا يعرّض الدولة للمساءلة أمام الهيئات الأممية.


ردود فعل منظمات حقوق الإنسان:

 

سارعت منظمات مثل هيومن رايتس ووتش ومحامون بلا حدود إلى إصدار بيانات تنتقد فيها استمرار ممارسات “الاحتجاز الإداري” دون رقابة قضائية. وطالبت بفتح تحقيق شفاف وإجراء مراجعة شاملة للإجراءات الاستثنائية التي تنتهك الحقوق الأساسية للمواطنين.


الرأي العام والتأثير السياسي:

 

أثارت قضية فتحي البلدي جدلًا واسعًا على وسائل التواصل الاجتماعي، وتناقل النشطاء صورًا وشهادات حول احتجازه. هذا التفاعل الشعبي يعكس وعيًا متزايدًا بأهمية الحريات الفردية، ويدفع نحو محاسبة المسؤولين عن مثل هذه الانتهاكات.


قرار الإنهاء: بين القانون والسياسة:

 

في يوم 8 مارس 2022، أعلنت السلطات التونسية إنهاء مفعول القرار الإداري الذي قيد حرية السيد فتحي البلدي. ورغم أن القرار جاء دون توضيحات كافية، إلا أنه يُفهم ضمنيًا على أنه تراجع تحت ضغط سياسي أو قانوني، خاصة في ظل ازدياد المطالبات الشعبية والحقوقية بوقف هذه الإجراءات التعسفية.


الدروس المستخلصة:

 

من هذه القضية، يمكن استخلاص عدة دروس مهمة:

  • ضرورة تعزيز دور القضاء في الرقابة على القرارات الأمنية.

  • أهمية وجود آليات واضحة للطعن في قرارات الإقامة الجبرية.

  • الحاجة لإصلاح تشريعي ينهي حالات الاحتجاز الإداري المفتوح دون مسوغ قضائي.

  • تقوية المؤسسات الوطنية لحماية الحقوق والحريات، مثل هيئة حقوق الإنسان.


 

إن قضية السيد فتحي البلدي ليست مجرد حالة فردية، بل هي مرآة تعكس واقع الحريات العامة في تونس في ظل موجات التوتر السياسي. وبينما يبقى السؤال القانوني مفتوحًا، فإن الأمل يبقى في أن تؤدي هذه القضية إلى مراجعة شاملة للسياسات الأمنية وضمان التوازن الحقيقي بين الأمن وحقوق الإنسان.

لكل مواطن الحق في الحرية والكرامة والمحاكمة العادلة، وأي خرق لهذه المبادئ يجب أن يُقابل بالمساءلة، لا بالتبرير الإداري. وختامًا، فإن مستقبل الحقوق في تونس سيتحدد بناءً على ما إذا كانت هذه القضايا تُستخدم كدروس للإصلاح، أم تُترك طي النسيان.

المقالات ذات الصلة

 

رحلة من القمع إلى العدالة: كيف تحدّت جمعيّة ضحايا التّعذيب الوزير عبد الله القلال؟ | AVTT

ندوة حقوقية هامة في جنيف: جمعية ضحايا التعذيب ومنظمة التضامن لحقوق الإنسان تتكاتفان لفضح الانتهاكات 2022 | AVTT

عادل الماجري نائب رئيس جمعية ضحايا التعذيب ضيف برنامج الحصاد 24 على قناة الزيتونة | AVTT

برنامج حصاد 24 يستضيف السيد عادل الماجري: نقاش حول قضايا حقوق الإنسان في تونس | AVTT

السيّد عادل الماجري نائب رئيس جمعيّة ضحايا التّعذيب ضيف قناة وطن 2023 | AVTT

برنامج حصاد 24 يستضيف السيد عادل الماجري: نقاش حول قضايا حقوق الإنسان في تونس | AVTT

الملتقى الإلكتروني الرابع لسفراء السلام مستقبل الأمة بين الالام و الامال | AVTT

الملتقى الإلكتروني الرابع لسفراء السلام مستقبل الأمة بين الالام و الامال | AVTT

النّدوة الحقوقية ضدّ الإفلات من العقاب والدّعوة لتحرير المساجين السّياسيّين بباريس | AVTT

خيمة اعلامية حقوقية تحسيسية للتضامن مع المعتقلين السياسيين في تونس | AVTT

اليوم الدّولي للتّضامن مع المعتقلين السّياسيّين والدّفاع عن دولة القانون والمؤسّسات في تونس | AVTT

معرض صور وخيمة اعلامية وحقوقية في ساحة الامم المتحدة بجنيف | AVTT

معرض صور وفعاليات إعلامية للمطالبة بالحرية لجميع المعتقلين السياسيين في تونس | AVTT

مظاهرة من أجل تونس: نجاح كبير بتعبئة قوية! | AVTT

مظاهرة من أجل تونس: نجاح كبير بتعبئة قوية! | AVTT

التّقرير السّنوي 2024 | AVTT

الإعلام الدولي يتفاعل مع تقرير جمعية ضحايا التعذيب | AVTT

الوقفة التضامنية: صوت الحرية أمام القنصلية التونسية في باريس | AVTT

الوقفة التضامنية: صوت الحرية أمام القنصلية التونسية في باريس | AVTT

اترك رد

ادعموا قضايانا الرئيسية