السّيّد العميد عبد الرزّاق الكيلاني

تهنّئ جمعية ضحايا التعذيب السّيّد العميد عبد الرزّاق الكيلاني بعد الإفراج عنه 2022.3.21

تهنّئ جمعية ضحايا التعذيب السّيّد العميد عبد الرزّاق الكيلاني بعد الإفراج عنه 2022.3.21

تهنّئ جمعية ضحايا التعذيب السّيّد العميد عبد الرزّاق الكيلاني بعد الإفراج عنه كما ندعوا إلى الإفراج عن بقيّة المعتقلين السّياسيّين وإيقاف المحاكمات العسكريّة ضدّ المدنيّين
 
 

في لحظة فارقة تعبّر عن انتصار الكلمة والعدالة على القمع، هنّأت جمعية ضحايا التعذيب السيد العميد عبد الرزاق الكيلاني بمناسبة الإفراج عنه يوم 21 مارس 2022. لم يكن هذا الحدث مجرد إطلاق سراح معتقل، بل كان رسالة صريحة ضد الظلم والانتهاكات، وإشارة قوية إلى أن العدالة لا بد أن تنتصر في نهاية المطاف، مهما طال الزمن.

في هذا المقال الطويل، نسلّط الضوء على خلفيات القضية، وأبعادها الحقوقية والقانونية، ودلالاتها السياسية والإنسانية. كما نوضح لماذا أصبح الكيلاني رمزاً لمقاومة الاستبداد والتشبث بالقانون في وجه آلة القمع.


من هو عبد الرزاق الكيلاني؟

 

يُعتبر عبد الرزاق الكيلاني شخصية بارزة في المشهد الحقوقي والسياسي التونسي. فهو محامٍ معروف وناشط في مجال حقوق الإنسان، شغل سابقًا منصب وزير الوظيفة العمومية وسفير تونس لدى الأمم المتحدة في جنيف. لم يكن يوماً مجرد إداري في الدولة، بل كان صوتًا صارخًا ضد الفساد والانتهاكات، وداعمًا لمبدأ استقلال القضاء وحماية الحقوق الدستورية.

بفضل مواقفه الجريئة وسيرته المهنية المشرفة، أصبح الكيلاني هدفًا للضغوط، خصوصًا في ظل الظروف السياسية المتقلبة التي تعيشها تونس منذ ثورة 2011.


ظروف الاعتقال المثيرة للجدل:

 

في يوم 2 مارس 2022، تمّ إيقاف الكيلاني بطريقة وصفتها منظمات حقوقية بـ”التعسفية”. تمّت إحالة قضيته إلى محكمة عسكرية بسبب محاولته زيارة أحد موكليه، وهو موقوف سياسي، في أحد المستشفيات العسكرية. واعتبرت السلطات هذا السلوك “تجاوزًا للإجراءات”، بينما اعتبره الحقوقيون محاولة للترهيب وتكميم الأفواه.

إحالة الكيلاني إلى محكمة عسكرية أثار موجة استنكار واسعة، باعتبار أن هذه المحاكم لا تضمن الشفافية والعدالة المطلوبة، خصوصًا في القضايا ذات الطابع المدني أو السياسي.


بيان جمعية ضحايا التعذيب:

 

في اليوم الذي أعلن فيه الإفراج عن الكيلاني، نشرت جمعية ضحايا التعذيب بيانًا رسميًا عبّرت فيه عن فرحتها البالغة بهذا الحدث المهم. وجاء في البيان:

“نتقدّم بأحرّ التهاني إلى السيّد عبد الرزاق الكيلاني وعائلته بمناسبة الإفراج عنه. لقد شكّلت فترة اعتقاله دليلًا واضحًا على تراجع الحريات في بلادنا. ونحن نعتبر أن مواقفه المبدئية تمثل نبراسًا لكلّ من يؤمن بالحق والعدالة.”

كما أكّدت الجمعية على التزامها المستمر في مناهضة التعذيب والاعتقالات العشوائية، والدفاع عن كلّ من يُحرم من حقّه في محاكمة عادلة.


المجتمع المدني ينتصر للحق:

 

أثبتت هذه القضية مرة أخرى أن المجتمع المدني التونسي لا يزال يقظًا ومتماسكًا في وجه كل محاولات التراجع عن مكتسبات الثورة. فقد سارعت المنظمات الحقوقية، ونقابات المحامين، وجمعيات الدفاع عن الحريات إلى التضامن مع الكيلاني والمطالبة بالإفراج الفوري عنه.

هذا التضامن لم يكن فقط داخليًا، بل امتد إلى منظمات دولية مرموقة، ما أكسب القضية بعدًا عالميًا وأجبر السلطات على مراجعة حساباتها.


المحاكمات العسكرية للمدنيين: خطر داهم:

 

تُعد محاكمة الكيلاني أمام القضاء العسكري نقطة سوداء في سجل العدالة التونسية. فقد عبّر عدد من القضاة والمحامين عن رفضهم المبدئي لمثول المدنيين أمام محاكم عسكرية، لما في ذلك من خرق صريح للمعايير الدولية لحقوق الإنسان.

تُوصي معظم المواثيق الأممية، مثل العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، بأن تكون المحاكمات مفتوحة وشفافة وتُجرى أمام قضاء مدني مستقل. وهو ما لم يتوفر في قضية الكيلاني.


السياق السياسي العام: موجة قمع جديدة:

 

لم تكن قضية الكيلاني استثناءً، بل تأتي ضمن سياق عام يتميّز بـتصاعد غير مسبوق في انتهاكات الحقوق والحريات. منذ استحواذ الرئيس على سلطات واسعة في صيف 2021، سجّلت منظمات حقوقية ارتفاعًا في عدد الإيقافات العشوائية، والإقامات الجبرية، وحملات التشويه الإعلامي.

وهو ما جعل العديد من المراقبين يتحدثون عن عودة تدريجية إلى الاستبداد السياسي تحت غطاء “الإصلاحات”.


الضغط الدولي كان حاسمًا:

 

ما إن شاع خبر إيقاف الكيلاني، حتى تحركت عدة جهات دولية، على رأسها اللجنة الدولية للحقوقيين ومنظمة EuroMed Rights، مطالبةً بالإفراج عنه وفتح تحقيق شفاف حول ملابسات القضية.

هذا الضغط الخارجي ساهم في رفع الغطاء عن الممارسات التعسفية، وسلّط الضوء على الانتهاكات التي تُمارَس في الخفاء ضد النشطاء الحقوقيين والمعارضين.


دلالة تاريخية ليوم الإفراج: 21 مارس 2022:

 

إنّ اختيار 21 مارس كيوم لإطلاق سراح الكيلاني لم يكن عاديًا. ففي هذا اليوم من كل عام، يحتفل العالم بـ”اليوم الدولي للقضاء على التمييز العنصري”، ما يضيف بعدًا رمزيًا لعملية الإفراج.

يُذكر هذا التاريخ الجميع بأن العدالة لا تعرف صمتًا طويلاً، وأن صوت الضمير القانوني والحقوقي، وإن تأخّر، لا يُسكت.


دعوات لتطهير القضاء وضمان استقلاله:

 

في أعقاب الإفراج، طالبت عدة جهات بضرورة:

  • إلغاء المحاكمات العسكرية للمدنيين

  • ضمان حق المحاماة دون ملاحقة

  • مراجعة القوانين المنظمة لحالات التوقيف

  • إحداث آليات رقابة مستقلة على السجون وأماكن الاحتجاز

كلّ هذه المطالب تهدف إلى ترسيخ سيادة القانون وضمان العدالة للجميع دون استثناء أو انتقام سياسي.


الكفاح ضد التعذيب لا يتوقف:

 

لا تزال جمعية ضحايا التعذيب تخوض معركتها اليومية من أجل تجريم التعذيب بكافة أشكاله، وتوفير المساعدة القانونية والنفسية للضحايا، وملاحقة الجناة أمام القضاء المحلي والدولي.

وتؤكّد الجمعية أن التعذيب ليس مجرد أداة جسدية، بل يشمل أيضًا الحرمان من العلاج، العزل، التهديد، والضغط النفسي الممنهج، وهي أساليب تُستخدم غالبًا لتدمير الروح المعنوية للموقوفين السياسيين.


خاتمة: انتصار مؤقّت في معركة طويلة:

 

يشكّل الإفراج عن العميد عبد الرزاق الكيلاني لحظة فرح وارتياح لكلّ من يؤمن بالعدالة والحرية. لكنه أيضًا تذكير صارخ بأن المعركة لم تنتهِ بعد.

ما دامت المحاكمات الجائرة مستمرة، والتضييقات قائمة، والتعذيب مستشرٍ في أماكن الاحتجاز، فإن المجتمع المدني والحقوقي عليه أن يظلّ في حالة يقظة دائمة.

حرية الكيلاني ليست نهاية المطاف، بل بداية لمسار أطول نحو الإنصاف والمحاسبة. وكلّ خطوة نحو العدالة تُبنى على نضال حقيقي، ومواقف لا تساوم على المبادئ.

فليكن هذا الإفراج بشارة أمل، ومصدر إلهام لكل من يعاني ظلمًا خلف القضبان.

المقالات ذات الصلة

 

رحلة من القمع إلى العدالة: كيف تحدّت جمعيّة ضحايا التّعذيب الوزير عبد الله القلال؟ | AVTT

ندوة حقوقية هامة في جنيف: جمعية ضحايا التعذيب ومنظمة التضامن لحقوق الإنسان تتكاتفان لفضح الانتهاكات 2022 | AVTT

عادل الماجري نائب رئيس جمعية ضحايا التعذيب ضيف برنامج الحصاد 24 على قناة الزيتونة | AVTT

برنامج حصاد 24 يستضيف السيد عادل الماجري: نقاش حول قضايا حقوق الإنسان في تونس | AVTT

السيّد عادل الماجري نائب رئيس جمعيّة ضحايا التّعذيب ضيف قناة وطن 2023 | AVTT

برنامج حصاد 24 يستضيف السيد عادل الماجري: نقاش حول قضايا حقوق الإنسان في تونس | AVTT

الملتقى الإلكتروني الرابع لسفراء السلام مستقبل الأمة بين الالام و الامال | AVTT

الملتقى الإلكتروني الرابع لسفراء السلام مستقبل الأمة بين الالام و الامال | AVTT

النّدوة الحقوقية ضدّ الإفلات من العقاب والدّعوة لتحرير المساجين السّياسيّين بباريس | AVTT

خيمة اعلامية حقوقية تحسيسية للتضامن مع المعتقلين السياسيين في تونس | AVTT

اليوم الدّولي للتّضامن مع المعتقلين السّياسيّين والدّفاع عن دولة القانون والمؤسّسات في تونس | AVTT

معرض صور وخيمة اعلامية وحقوقية في ساحة الامم المتحدة بجنيف | AVTT

معرض صور وفعاليات إعلامية للمطالبة بالحرية لجميع المعتقلين السياسيين في تونس | AVTT

مظاهرة من أجل تونس: نجاح كبير بتعبئة قوية! | AVTT

مظاهرة من أجل تونس: نجاح كبير بتعبئة قوية! | AVTT

التّقرير السّنوي 2024 | AVTT

الإعلام الدولي يتفاعل مع تقرير جمعية ضحايا التعذيب | AVTT

الوقفة التضامنية: صوت الحرية أمام القنصلية التونسية في باريس | AVTT

الوقفة التضامنية: صوت الحرية أمام القنصلية التونسية في باريس | AVTT

اترك رد

ادعموا قضايانا الرئيسية