مداخلة عادل الماجري على قناة الزيتونة 20/4/2022

آخر الأخبار, تونس
20 أبريل 2022

مداخلة عادل الماجري على قناة الزيتونة 20/4/2022

رسالة تضامن مع المرابطين في المسجد الأقصى:

في زمنٍ اشتدّت فيه المحن، وتكاثرت فيه الاعتداءات على الحرمات والمقدسات، لا يسعنا إلا أن نرفع أصواتنا عاليًا تضامنًا مع المرابطين في المسجد الأقصى، أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين. أولئك الأبطال الصامدون، رجالًا ونساءً، الذين يقفون بصدورهم العارية في وجه آلة الاحتلال، يُذكّروننا كل يوم أن الكرامة لا تُشترى، وأن النضال لا يُخمده بطشٌ ولا قمع.

أن تكون مرابطًا في الأقصى اليوم، يعني أن تكون سيفًا في وجه الظلم، وحائطًا صلبًا في وجه التهويد. فلهُم، من كلّ حرّ في العالم، تحيّة إجلال وإكبار.

الحقوق والحريّات مهدّدة في تونس:

إنّ ما تشهده تونس اليوم من تراجع خطير في مجال الحقوق والحريات يُنذر بكارثة. لم تعد حرية التعبير مكفولة، وبات كل صوتٍ حرّ مهددًا بالملاحقة أو السجن أو التخوين. تُستخدم الدولة أدواتها لإسكات المعارضين، وتُشرّع القوانين لتقييد الإعلام والقضاء والمجتمع المدني.

ما يحدث ليس مجرد اختلاف سياسي… إنه انقلاب على مكتسبات ثورة 2011، ثورة الحرية والكرامة. لقد أصبحت السلطة تُدار بمنطق القمع، لا بمنطق الدولة.

كل خطاباته يصدر منها التّشنّج والحقد:

حين نستمع إلى خطابات من يُفترض أن يكون رمز وحدة الدولة، لا نسمع إلا كلمات مشحونة بالغضب والتوتر، مفعمة بالحقد على كل من يختلف معه. لا مشروع، لا رؤية، لا أمل… فقط لغة تقسم، لا تجمع. تحرّض، لا تبني.

الخطاب السياسي يجب أن يكون مسؤولًا، لا انتقاميًا. فمن يزرع الحقد لا يحصد سوى الخراب.

تحيّة إكبار للمناضلة شيماء عيسى:

رغم الزنازين، رغم المحاكمات، رغم محاولات التكميم، ما زالت المناضلة شيماء عيسى واقفة بشموخ، تُعبّر عن ملايين الأصوات الصامتة. ناضلت من أجل الحرية، من أجل دولة القانون، من أجل حقوق النساء، من أجل تونس أفضل.

تحيّة إكبار لها، ولكلّ المناضلات والمناضلين، داخل السجون وخارجها، الذين لم يتنازلوا عن مبادئهم رغم الضغوط والتهديدات.

الإستفاقة المتأخّرة أفضل من التّمادي في دعم القمع وسلطة الإنقلاب:

قد يتأخر البعض في إدراك فداحة ما يحدث في تونس، وقد يخدعهم خطاب المظلومية وتبريرات محاربة “الفساد”. لكن الحقيقة اليوم باتت واضحة كالشمس: نحن أمام مشروع سلطوي قمعي، لا إصلاحي.

من أدرك متأخرًا أنه خُدع، لا عيب في ذلك. العيب هو الاستمرار في دعم الطغيان بعد أن تكشّفت حقيقته. فالتاريخ لا يرحم.

ثمرة نضال الأحرار في الدّاخل والخارج:

ما نراه اليوم من ارتفاع في الوعي الشعبي، وتكثّف أصوات المعارضين، وانكشاف عورات النظام أمام العالم، هو ثمرة نضال الأحرار من داخل السجون وخارج الحدود. هم من دفعوا الثمن، وهم من أبقوا جذوة الثورة مشتعلة.

لكل من قاوم، لكل من كتب، لكل من تظاهر، لكل من رفض الصمت: أنتم من يحمي هذه البلاد من السقوط الكامل.

بدأ المجتمع يستفيق، بدأ المواطن يستفيق، بدأت المؤسّسات تستفيق وهذا فخر:

اليوم، نلمس علامات الأمل. بدأ الناس يخرجون عن صمتهم، بدأت النخب تتحرك، بدأت بعض المؤسسات تعلن رفضها للانخراط في مشروع الاستبداد. هذه الصحوة، ولو متأخرة، هي دليل على أن تونس لا تُهزم بسهولة.

وهذا فخر، لأن الشعوب الحيّة لا تقبل الذل طويلًا.

كلّما توحّد أحرار وحراير تونس إلاّ وأرعبوه:

لقد أدرك النظام أن توحيد صفوف المعارضة هو أكبر خطر عليه. لذلك يسعى بكل ما أوتي من ترهيب وتشويه وتمييع إلى تفتيت هذا الصف. لكنه يفشل في كل مرة، لأن ما يجمع الأحرار والحراير ليس المصالح، بل المبادئ.

وكلما اجتمعوا… زرعوا الرعب في قلب السلطة الجبانة.

شد مشومك لا يجيك ما أشوم … أصبحنا أضحوكة أمام العالم:

للأسف، تحوّلت بلادنا إلى نكتة يتداولها الإعلام العالمي. رئيس بخطابات إنشائية، اقتصاد ينهار، شعب يهاجر، قمع في كل زاوية. وكل من يحاول الإصلاح يُقصى، ويُتّهم بالخيانة.

عبارة “شد مشومك لا يجيك ما أشوم” لم تعد مزحة… بل واقع مرير نعيشه، حيث لا خيار إلا بين السيئ والأسوأ، والبلاد تُدفع نحو الهاوية.