في خضمّ الأحداث السياسية المتسارعة التي تشهدها تونس بعد انقلاب 25 يوليو، تتواصل الانتهاكات الممنهجة لحقوق الإنسان واستهداف مؤسسات الدولة المستقلة وعلى رأسها السلطة القضائية، التي تعدّ الضامن الأساسي لتحقيق العدالة وصون الحريات. وفي هذا السياق، تنظم جمعية ضحايا التعذيب في تونس، بالتعاون مع مواطنون ضدّ الانقلاب في سويسرا، منصة إعلامية أسبوعية في مدينة جنيف، لتسليط الضوء على هذه الخروقات الجسيمة والتعريف بمعاناة القضاة المعفيّين، والدفاع عن دولة القانون والمؤسسات.
السلطة القضائية في مواجهة العصف السياسي:
منذ الإعلان عن الإجراءات الاستثنائية في 25 يوليو 2021، تحوّلت السلطة القضائية في تونس من هيئة مستقلة إلى هدف مباشر للسلطة التنفيذية، حيث تم إعفاء عشرات القضاة دون احترام الضمانات القانونية والدستورية. هذا الإعفاء لم يكن فقط إجراءً إدارياً، بل هجمة ممنهجة على استقلال القضاء وركيزة من ركائز الديمقراطية الناشئة في البلاد.
أسباب الإعفاء وتبعاته القانونية:
لم تُقدّم السلطة التونسية تبريرات قانونية واضحة بشأن إعفاء القضاة، بل برّرت ذلك بوجود “شبهات فساد” دون إثبات أو محاكمات. هذا الانتهاك الصارخ لمبدأ قرينة البراءة وحق الدفاع، يعكس رغبة واضحة في تطويع القضاء وجعله أداة بيد السلطة التنفيذية.
إنّ الإعفاء الجماعي للقضاة يشكّل خطراً جسيماً على ثقة المواطن في العدالة، ويدفع بالقضاة المستقلين إما إلى السكوت القسري أو المنفى الاختياري، هرباً من الملاحقات الإدارية والضغط السياسي.
منصة جنيف: صوت الضحايا من المهجر:
في ظل هذه التطورات، برز دور المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية في الخارج كصوت بديل لفضح الانتهاكات، وخصوصاً من خلال منصة جنيف الأسبوعية التي تنظمها جمعية ضحايا التعذيب في تونس ومواطنون ضدّ الانقلاب – فرع سويسرا.
تهدف هذه المنصة إلى:
توعية الرأي العام السويسري والدولي بما يحدث في تونس.
مساندة القضاة المعفيين والتضامن معهم.
توثيق الشهادات والانتهاكات ومشاركتها مع المنظمات الأممية.
الدفاع عن استقلال القضاء كضمانة للديمقراطية وحقوق الإنسان.
التفاعل الدولي: ضرورة أم ترف؟
في عالم متداخل المصالح، لا يمكن تحقيق العدالة بدون تفاعل دولي داعم. وقد أثبتت التجارب أنّ الضغط الحقوقي والإعلامي من الخارج يمكن أن يحدّ من تغوّل الأنظمة السلطوية. لذلك، تُعدّ تحركات مثل منصة جنيف ضرورة ملحّة، وليست مجرد فعل رمزي.
الهدف ليس فقط فضح الانتهاكات، بل تعبئة الضمير الإنساني العالمي وتحفيز الآليات الدولية للتحرك، مثل تقديم تقارير إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، أو المطالبة بفتح تحقيقات أممية مستقلة.
حراك “مواطنون ضدّ الانقلاب”: مقاومة مدنية سلمية:
يمثّل حراك “مواطنون ضدّ الانقلاب” أحد أبرز مظاهر الرفض الشعبي للانقلاب في تونس، حيث يناضل هذا الحراك منذ أكثر من عامين عبر الوقفات والمسيرات والبيانات، داخل تونس وخارجها، من أجل:
استعادة المسار الديمقراطي.
رفض الحكم الفردي التسلّطي.
الدفاع عن المؤسسات الدستورية، خاصة القضاء.
المطالبة بمحاسبة المتورطين في الانتهاكات.
وقد أثبت هذا الحراك صلابته واستمراريته رغم القمع والتضييقات، وهو ما جعل صوته يصل إلى المحافل الدولية.
ضحايا القضاء: وجوه وقصص:
من بين القضاة المعفيين، نجد شخصيات قضائية مرموقة عُرفت باستقلالها ونزاهتها، كالناطقة السابقة باسم المحكمة الإدارية، وقضاة معروفين بمواقفهم ضد الفساد والاستبداد.
هؤلاء القضاة، بعد إعفائهم، واجهوا:
تشويه إعلامي ممنهج.
منع من ممارسة المهنة.
ضغوط اجتماعية ونفسية.
تهديدات مباشرة وغير مباشرة.
ومع ذلك، رفضوا الصمت، وأصرّوا على المطالبة بحقوقهم عبر المسارات القضائية المحلية والدولية.
القضاء المستقل: ركيزة لا غنى عنها
لا يمكن لأي دولة أن تدّعي احترام حقوق الإنسان دون قضاء مستقل ونزيه. إذ يُعتبر القضاء المستقل:
صمام أمان ضد الانتهاكات.
المرجعية القانونية الوحيدة في حل النزاعات.
حامي الحريات الفردية والعامة.
أساس بناء الثقة بين المواطن والدولة.
وبالتالي، فإن الانقضاض على هذه المؤسسة لا يمثّل فقط تهديداً لحقوق القضاة، بل تهديداً مباشراً للمجتمع برمّته.
دور المواطن التونسي في الخارج:
الجاليات التونسية، وخصوصاً في أوروبا، لها دور محوري في هذه المرحلة. من خلال:
نقل الصورة الحقيقية عمّا يحدث في تونس.
المساهمة في الحملات الحقوقية والإعلامية.
الضغط على صناع القرار الأوروبي لدعم المسار الديمقراطي في تونس.
دعم القضاة المعفيين مادياً ومعنوياً.
وقد أثبت فرع “مواطنون ضدّ الانقلاب” في سويسرا أن المواطن في المهجر قادر على التأثير والتغيير إذا ما توفرت له المعلومة والنية الصادقة.
المجتمع الدولي والمحاسبة:
أمام الانتهاكات الجسيمة التي تُسجّل يومياً في تونس، يبرز التساؤل: أين موقف المجتمع الدولي؟
رغم بعض البيانات الخجولة من بعثات دبلوماسية أو منظمات دولية، إلا أن التحرك الجدي ما زال دون المطلوب. إن مساءلة السلطة التنفيذية في تونس من خلال آليات أممية، وتجميد الدعم غير المشروط، هي خطوات لا بدّ منها للضغط من أجل العودة إلى المسار الديمقراطي.
لا ديمقراطية بلا قضاء مستقل:
في الختام، يجب أن نُدرك أنّ الدفاع عن القضاة المعفيين ليس مطلباً فئوياً أو نقابياً، بل هو دفاع عن حق كل مواطن في العدالة، وفي محاكمة عادلة، وفي دولة قانون لا تستبد بها الأهواء السياسية.
كلّ التضامن مع سلطة القضاء، ومع القضاة الشرفاء الذين رفضوا الخضوع، ودفعوا ثمناً غالياً من أجل استقلاليتهم. إن نضالهم هو نضالنا جميعاً، ومعركتهم هي معركة الكرامة والدستور والعدالة.
ولن يكون النصر إلا لأصحاب الحق، مهما طال الليل.
كلّ التضامن مع سلطة القضاء والقضاة المعفيّين من طرف سلطة الإنقلاب
كلّ التضامن مع سلطة القضاء والقضاة المعفيّين من طرف سلطة الإنقلاب للاسبوع الثّامن عشر على التوالي أقامت جمعية ضحايا التعذيب في تونس ومقرها في جنيف بالشراكة مع مواطنون ضد الإنقلاب في سويسرا 🇹🇳🇨🇭 منصة إعلامية لتحسيس و إطلاع المواطن السويسري والمواطنين التونسيين المقيمين في سويسرا وبالخصوص في جنييف 🟢 على ما يقع في تونس من إنتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان و مصادرة مكاسب الشعب التونسي في الحريات العامة و الخاصة 🟢 و للتعريف بالحراك المواطني المقاوم للإنقلاب في الداخل و الخارج #يسقط_الإنقلاب #يسقط_الحكم_الفردي_التسلطي #المبادرة_الديمقراطية #مواطنون_ضد_الإنقلاب 🇹🇳🇹🇳 #مواطنون_ضد_الإنقلاب_في_تونس فرع سويسرا 🇨🇭 🇹🇳
























المقالات ذات الصلة
رحلة من القمع إلى العدالة: كيف تحدّت جمعيّة ضحايا التّعذيب الوزير عبد الله القلال؟ | AVTT
عادل الماجري نائب رئيس جمعية ضحايا التعذيب ضيف برنامج الحصاد 24 على قناة الزيتونة | AVTT
برنامج حصاد 24 يستضيف السيد عادل الماجري: نقاش حول قضايا حقوق الإنسان في تونس | AVTT
السيّد عادل الماجري نائب رئيس جمعيّة ضحايا التّعذيب ضيف قناة وطن 2023 | AVTT
برنامج حصاد 24 يستضيف السيد عادل الماجري: نقاش حول قضايا حقوق الإنسان في تونس | AVTT
الملتقى الإلكتروني الرابع لسفراء السلام مستقبل الأمة بين الالام و الامال | AVTT
الملتقى الإلكتروني الرابع لسفراء السلام مستقبل الأمة بين الالام و الامال | AVTT
النّدوة الحقوقية ضدّ الإفلات من العقاب والدّعوة لتحرير المساجين السّياسيّين بباريس | AVTT
خيمة اعلامية حقوقية تحسيسية للتضامن مع المعتقلين السياسيين في تونس | AVTT
اليوم الدّولي للتّضامن مع المعتقلين السّياسيّين والدّفاع عن دولة القانون والمؤسّسات في تونس | AVTT
معرض صور وخيمة اعلامية وحقوقية في ساحة الامم المتحدة بجنيف | AVTT
معرض صور وفعاليات إعلامية للمطالبة بالحرية لجميع المعتقلين السياسيين في تونس | AVTT
مظاهرة من أجل تونس: نجاح كبير بتعبئة قوية! | AVTT
مظاهرة من أجل تونس: نجاح كبير بتعبئة قوية! | AVTT
الإعلام الدولي يتفاعل مع تقرير جمعية ضحايا التعذيب | AVTT
الوقفة التضامنية: صوت الحرية أمام القنصلية التونسية في باريس | AVTT
الوقفة التضامنية: صوت الحرية أمام القنصلية التونسية في باريس | AVTT