جمعية ضحايا التعذيب في تونس تطلب من المفوض السامي لحقوق الإنسان إرسال وفد أممي لحماية مسار العدالة الانتقالية

إرسال وفد أممي لحماية مسار العدالة الانتقالية 2018

جمعية ضحايا التعذيب في تونس تطلب من المفوض السامي لحقوق الإنسان إرسال وفد أممي لحماية مسار العدالة الانتقالية 1 أكتوبر  2018

 

تشهد تونس منذ ثورة 2011 تحولًا ديمقراطيًا صعبًا، حيث تسعى البلاد إلى تحقيق العدالة الانتقالية من خلال محاسبة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان وإرساء مبادئ دولة القانون. ومع ذلك، تواجه هذه العملية العديد من العقبات، أبرزها الضغوط السياسية والتدخلات التي قد تعرقل مسارها.

في هذا الإطار، طالبت جمعية ضحايا التعذيب في تونس المفوض السامي لحقوق الإنسان بإرسال وفد أممي في أقرب الآجال لحماية مسار العدالة الانتقالية من المخاطر التي تهدده. هذه المطالبة تأتي نتيجة تصاعد المخاوف من محاولات تعطيل العدالة وعدم تنفيذ التوصيات الصادرة عن هيئة الحقيقة والكرامة، وهي الهيئة التي قادت مسار العدالة الانتقالية في تونس.

ما هي العدالة الانتقالية ولماذا تعتبر ضرورية في تونس؟

 

العدالة الانتقالية هي مجموعة من التدابير القضائية وغير القضائية التي تُتخذ بعد فترات النزاع أو الأنظمة الاستبدادية لمعالجة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. تشمل هذه التدابير المحاكمات، ولجان الحقيقة، وتعويض الضحايا، وإصلاح المؤسسات لضمان عدم تكرار الجرائم السابقة.

في تونس، كانت العدالة الانتقالية جزءًا أساسيًا من عملية الانتقال الديمقراطي، حيث تم إنشاء هيئة الحقيقة والكرامة في عام 2014 بهدف التحقيق في الانتهاكات المرتكبة بين عامي 1955 و2013، وكشف الحقيقة، ومساءلة المسؤولين، وتعويض الضحايا.

التحديات التي تواجه مسار العدالة الانتقالية في تونس:

 

على الرغم من التقدم الذي حققته تونس في هذا المجال، إلا أن مسار العدالة الانتقالية يواجه تحديات كبيرة تهدد بإفراغه من مضمونه، ومن أبرز هذه التحديات:

1. التدخلات السياسية وضغوط الدولة

 

تعاني تونس من تجاذبات سياسية بين مختلف الأطراف، وهو ما أثر سلبًا على مسار العدالة الانتقالية. العديد من الشخصيات السياسية حاولت التأثير على قرارات هيئة الحقيقة والكرامة ومنع تنفيذ توصياتها، خاصة عندما يتعلق الأمر بمحاسبة المتورطين في الانتهاكات.

2. غياب الإرادة السياسية لتنفيذ توصيات هيئة الحقيقة والكرامة:

 

بعد انتهاء عمل الهيئة، قدمت تقاريرها النهائية إلى السلطات التونسية، لكنها لم تلقَ الاهتمام الكافي من قبل مؤسسات الدولة. إذ لم يتم تفعيل القرارات الخاصة بالمحاسبة وجبر الضرر، ولم يُنفذ الإصلاح المؤسساتي المطلوب لضمان عدم تكرار الانتهاكات.

3. ضعف الدعم المادي واللوجستي:

 

تعاني الجهات المعنية بتنفيذ العدالة الانتقالية من نقص في الموارد المالية، وهو ما يجعل تنفيذ الإصلاحات المطلوبة أمرًا صعبًا. كما أن الضحايا وعائلاتهم لم يحصلوا بعد على التعويضات التي وعدتهم بها الدولة.

4. بطء الإجراءات القضائية:

 

الكثير من القضايا التي رفعتها هيئة الحقيقة والكرامة لم تتم معالجتها بعد، حيث أن المحاكمات تشهد تباطؤًا ملحوظًا، وهو ما يثير مخاوف الضحايا من إفلات الجناة من العقاب.

دعوة جمعية ضحايا التعذيب للمفوض السامي لحقوق الإنسان:

 

نظرًا لهذه التحديات، دعت جمعية ضحايا التعذيب في تونس المفوض السامي لحقوق الإنسان إلى إرسال وفد أممي إلى تونس في أسرع وقت ممكن، وذلك لضمان عدم تعطيل مسار العدالة الانتقالية وضمان تنفيذ توصيات هيئة الحقيقة والكرامة.

تأتي هذه الدعوة استجابةً للمخاوف المتزايدة من أن السلطات التونسية تتجه نحو طمس الحقيقة وتجاهل حقوق الضحايا، وهو ما قد يؤدي إلى فقدان ثقة المواطنين في عملية العدالة الانتقالية برمتها.

الدور المنتظر للوفد الأممي في تونس:

 

إذا تمت الاستجابة لهذا الطلب، فمن المتوقع أن يلعب الوفد الأممي دورًا حيويًا في دعم مسار العدالة الانتقالية في تونس من خلال:

  • الضغط على الحكومة التونسية لتنفيذ توصيات هيئة الحقيقة والكرامة.
  • متابعة القضايا العالقة والمطالبة بتسريع المحاكمات الخاصة بالانتهاكات السابقة.
  • حماية الضحايا والشهود الذين يواجهون ضغوطًا أو تهديدات بسبب شهاداتهم.
  • تقديم المساعدة التقنية للجهات التونسية المختصة لإنجاح عملية المحاسبة وجبر الضرر.

ردود الفعل حول دعوة جمعية ضحايا التعذيب:

 

لاقى طلب الجمعية دعمًا من قبل العديد من المنظمات الحقوقية التونسية والدولية، حيث اعتبرت هذه الجهات أن تدخل الأمم المتحدة أصبح ضروريًا للحفاظ على ما تبقى من العدالة الانتقالية في تونس.

في المقابل، هناك بعض الأصوات المعارضة لهذه الخطوة، حيث يعتبر بعض السياسيين أن تدخل الأمم المتحدة قد يشكل مساسًا بالسيادة الوطنية، ويرون أن الحل يجب أن يكون من داخل الدولة دون تدخل خارجي.

ما هو مستقبل العدالة الانتقالية في تونس؟

 

يبقى مستقبل العدالة الانتقالية في تونس غير واضح في ظل غياب الإرادة السياسية الكافية لتنفيذ توصيات هيئة الحقيقة والكرامة. ومع ذلك، فإن الضغط المستمر من قبل المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية قد يسهم في إعادة إحياء هذا المسار وضمان تحقيق العدالة للضحايا.

إذا استجابت الأمم المتحدة لطلب جمعية ضحايا التعذيب، فقد يشكل ذلك فرصة جديدة لإنقاذ العدالة الانتقالية في تونس، لكن يبقى التحدي الأكبر هو مدى استعداد الحكومة التونسية للتعاون مع المجتمع الدولي في هذا الشأن.

 

تعد العدالة الانتقالية في تونس خطوة ضرورية لضمان عدم تكرار انتهاكات الماضي، لكن مسارها يواجه العديد من العقبات التي تهدد استمراريته. مطالبة جمعية ضحايا التعذيب بإرسال وفد أممي إلى تونس تعكس مدى خطورة الوضع، وتسلط الضوء على ضرورة التدخل العاجل لحماية حقوق الضحايا وضمان محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات.

يبقى التساؤل الأهم: هل ستستجيب الأمم المتحدة لهذه الدعوة، وهل ستتمكن تونس من استكمال مسار العدالة الانتقالية بنجاح؟ الإجابة ستعتمد على مدى جدية السلطات التونسية في احترام التزاماتها وضمان عدم إفلات الجناة من العقاب.

 إرسال وفد أممي لحماية مسار العدالة الانتقالية 2018.7.1:

المقالات ذات الصلة

رحلة من القمع إلى العدالة: كيف تحدّت جمعيّة ضحايا التّعذيب الوزير عبد الله القلال؟ | AVTT

ندوة حقوقية هامة في جنيف: جمعية ضحايا التعذيب ومنظمة التضامن لحقوق الإنسان تتكاتفان لفضح الانتهاكات 2022 | AVTT

عادل الماجري نائب رئيس جمعية ضحايا التعذيب ضيف برنامج الحصاد 24 على قناة الزيتونة | AVTT

برنامج حصاد 24 يستضيف السيد عادل الماجري: نقاش حول قضايا حقوق الإنسان في تونس | AVTT

السيّد عادل الماجري نائب رئيس جمعيّة ضحايا التّعذيب ضيف قناة وطن 2023 | AVTT

برنامج حصاد 24 يستضيف السيد عادل الماجري: نقاش حول قضايا حقوق الإنسان في تونس | AVTT

الملتقى الإلكتروني الرابع لسفراء السلام مستقبل الأمة بين الالام و الامال | AVTT

الملتقى الإلكتروني الرابع لسفراء السلام مستقبل الأمة بين الالام و الامال | AVTT

النّدوة الحقوقية ضدّ الإفلات من العقاب والدّعوة لتحرير المساجين السّياسيّين بباريس | AVTT

خيمة اعلامية حقوقية تحسيسية للتضامن مع المعتقلين السياسيين في تونس | AVTT

اليوم الدّولي للتّضامن مع المعتقلين السّياسيّين والدّفاع عن دولة القانون والمؤسّسات في تونس | AVTT

معرض صور وخيمة اعلامية وحقوقية في ساحة الامم المتحدة بجنيف | AVTT

معرض صور وفعاليات إعلامية للمطالبة بالحرية لجميع المعتقلين السياسيين في تونس | AVTT

مظاهرة من أجل تونس: نجاح كبير بتعبئة قوية! | AVTT

مظاهرة من أجل تونس: نجاح كبير بتعبئة قوية! | AVTT

التّقرير السّنوي 2024 | AVTT

الإعلام الدولي يتفاعل مع تقرير جمعية ضحايا التعذيب | AVTT

الوقفة التضامنية: صوت الحرية أمام القنصلية التونسية في باريس | AVTT

الوقفة التضامنية: صوت الحرية أمام القنصلية التونسية في باريس | AVTT

اترك رد

ادعموا قضايانا الرئيسية