جلسة اعتماد الفريق العامل لدى الأمم المتّحدة توصيات المشروع التقرير للاستعراض الدّوري الشامل الخاص بتونس. #نجلاء_بودن تعلن عن قبول بـ 185 توصية من أصل 282.

في مشهدٍ دبلوماسي بالغ الأهمية، عقدت جلسة اعتماد توصيات الاستعراض الدوري الشامل الخاص بتونس لدى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، حيث أعلنت رئيسة الحكومة نجلاء بودن عن قبول تونس لـ 185 توصية من أصل 282 توصية تم تقديمها من الدول الأعضاء. هذا الحدث الهام يُبرز التزام تونس المتجدد بدعم حقوق الإنسان وتعزيز القيم الديمقراطية رغم التحديات السياسية والاقتصادية التي تمر بها البلاد.

ما هو الاستعراض الدوري الشامل: (UPR)؟

الاستعراض الدوري الشامل (UPR) هو آلية فريدة أنشأها مجلس حقوق الإنسان لمراجعة سجلات حقوق الإنسان لجميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة. يعتمد هذا النظام على مراجعة شاملة تجرى كل أربع إلى خمس سنوات، مما يسمح للدول بتقييم التزاماتها وتحقيقاتها في مجال حقوق الإنسان بشكل دوري ومنهجي.

أهمية جلسة الاستعراض الدوري الشامل لتونس:

تأتي جلسة تونس في مرحلة حساسة من تاريخها السياسي، حيث تمر البلاد بتحولات كبرى منذ ثورة 2011. اعتماد التوصيات الأممية يمثل خطوة استراتيجية لدعم صورة تونس على الساحة الدولية، وإثبات جديتها في التعامل مع قضايا حقوق الإنسان بجدية ومسؤولية.

تفاصيل التوصيات المقدمة لتونس:

خلال الجلسة، تلقت تونس 282 توصية من مختلف الدول، تغطي طيفاً واسعاً من قضايا حقوق الإنسان، من بينها:

• حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين

• حماية حرية التعبير والإعلام

• القضاء على التعذيب والمعاملة القاسية

• حماية حقوق الأقليات

• مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية الحكومية

إعلان نجلاء بودن: قبول 185 توصية

في خطابها أمام الفريق العامل، أكدت رئيسة الحكومة نجلاء بودن أن تونس قبلت بـ 185 توصية قبولاً كاملاً، في حين أحالت عدداً آخر للمراجعة، مع تسجيل تحفظات على بعض التوصيات التي تتعارض مع التشريعات الوطنية أو الخصوصية الثقافية والدينية للبلاد.

التوصيات التي قبلتها تونس: مؤشرات إيجابية

يُنظر إلى التوصيات التي قبلتها تونس على أنها مؤشرات إيجابية على رغبتها في:

• تعزيز استقلالية القضاء.

• ضمان حرية الرأي والتعبير.

• مكافحة كافة أشكال التمييز والعنصرية.

• تحسين أوضاع السجون وظروف الاحتجاز.

• تعزيز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للفئات الهشة.

التوصيات التي تحفظت عليها: تونس

رغم القبول الواسع، إلا أن تونس أعربت عن تحفظها تجاه بعض التوصيات، خاصةً تلك المتعلقة:

• بتعديل التشريعات الوطنية المتعلقة بالأحوال الشخصية بما يتعارض مع مبادئ الشريعة الإسلامية.

• بقضايا تتعلق بزواج المثليين وحرية المعتقد بما لا يتماشى مع القيم الاجتماعية والثقافية للبلاد.

أهمية قبول التوصيات لمستقبل حقوق الإنسان في تونس:

قبول هذا الكم الكبير من التوصيات يعتبر فرصة حقيقية لدفع إصلاحات جوهرية داخل تونس. فإذا تم تنفيذ هذه التوصيات بفعالية، فإنها يمكن أن تسهم في:

• تعزيز الحوكمة الرشيدة وسيادة القانون.

• تحسين صورة تونس الدولية وجذب الاستثمارات.

• حماية الحقوق والحريات العامة والخاصة للمواطنين.

تحديات تنفيذ التوصيات على أرض الواقع:

رغم الالتزام الرسمي، إلا أن تطبيق التوصيات عملياً يواجه عدة تحديات، من أبرزها:

• الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي قد تعيق التمويل اللازم لبعض البرامج الإصلاحية.

• التجاذبات السياسية والصراع بين مؤسسات الدولة.

• مقاومة بعض الفئات المجتمعية لأي تغييرات تُرى على أنها تمس بالهوية الثقافية والدينية.

دور المجتمع المدني في متابعة تنفيذ التوصيات:

يلعب المجتمع المدني دوراً محورياً في مراقبة تنفيذ التوصيات ومساءلة الحكومة عن التقدم المحرز. وقد دعت عدة منظمات حقوقية إلى:

• إنشاء آليات متابعة وطنية.

• تقديم تقارير دورية مستقلة.

• تنظيم حملات توعوية للمواطنين حول حقوقهم.

ماذا بعد جلسة الاعتماد؟

بعد جلسة الاعتماد، سيكون على تونس:

• تقديم تقرير منتصف الدورة لاستعراض مدى تقدمها في تنفيذ التوصيات.

• الاستعداد لجولة الاستعراض القادمة التي ستتم في غضون أربع سنوات.

• التعاون مع آليات الأمم المتحدة الخاصة لضمان الالتزام بالتعهدات التي قدمتها أمام المجتمع الدولي.

تُمثل جلسة اعتماد الفريق العامل لدى الأمم المتحدة لتوصيات الاستعراض الدوري الشامل الخاصة بتونس علامة فارقة في مسار الإصلاحات الحقوقية في البلاد. إن إعلان نجلاء بودن عن قبول 185 توصية هو خطوة إيجابية تعكس نية سياسية لدعم الحقوق والحريات، ولكن النجاح الحقيقي يتوقف على الإرادة الجادة لتنفيذ هذه الالتزامات على أرض الواقع، بمشاركة جميع الأطراف: الحكومة، المجتمع المدني، والمواطنون أنفسهم. فالمستقبل ينتظر أفعالاً لا أقوالاً فقط.