ندوة حقوقيّة حول وضع حقوق الإنسان في تونس: بين الواقع والطموحات
في سياق متابعة تطوّر أوضاع حقوق الإنسان في تونس، نظّمت جمعيّة ضحايا التعذيب بجنيف ومنظّمة التضامن لحقوق الإنسان ندوة حقوقيّة هامّة على هامش الدورة 41 من الاستعراض الدوري الشامل، التي انعقدت يوم 1 نوفمبر 2022. جاءت هذه الندوة لتسلّط الضوء على التحدّيات والإنجازات في مجال حقوق الإنسان في تونس، في وقتٍ تُعرض فيه الدولة التونسية تقريرها الدوري الشامل أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
في هذا المقال، سنتناول بالتفصيل مضمون الندوة، أبرز المحاور التي طُرحت، مواقف المنظمات الدولية، والتوصيات المقترحة، إلى جانب نظرة شاملة على الوضع الحقوقي في تونس منذ الثورة وحتى الآن.
ما هو التقرير الدوري الشامل؟
الاستعراض الدوري الشامل (UPR) هو آلية لمجلس حقوق الإنسان تهدف إلى تقييم سجلّ حقوق الإنسان لجميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بشكل دوري. تُقدم كل دولة تقريرًا يشرح الخطوات التي قامت بها لتحسين أوضاع حقوق الإنسان، وتُراجع من قِبل الدول الأخرى التي تُصدر توصيات ملزمة أخلاقيًا.
أهمية هذه الدورة لتونس:
الدورة 41 تكتسب أهمية خاصة، حيث تأتي في ظل تقلّبات سياسية واجتماعية كبيرة في تونس، وتراجع حرية التعبير، وتضييق على المجتمع المدني، ما جعل الأنظار تتجه نحو الأداء الحقوقي للدولة التونسية.
منظّمو الندوة ودورهم الفعّال:
جمعيّة ضحايا التعذيب – جنيف:
تُعتبر هذه الجمعية من أبرز المنظمات التي تعمل على توثيق الانتهاكات المرتبطة بالتعذيب في الدول العربية، وبالأخص تونس، منذ عقود. وقد لعبت دورًا مركزيًا في تقديم شهادات حية وتقارير موثّقة إلى هيئات الأمم المتحدة.
منظّمة التضامن لحقوق الإنسان:
منظمة دولية غير ربحية مقرها جنيف، تُعنى برصد الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وخصوصًا في الدول التي تمرّ بمرحلة انتقال ديمقراطي هشّة.
محاور الندوة: قراءة نقدية للواقع الحقوقي في تونس:
1. حرية التعبير في مهبّ الريح:
تطرّق المشاركون إلى التراجع الملحوظ في حرية الصحافة والتعبير، بعد أن كانت تونس تُعدّ نموذجًا للحرية في المنطقة. حيث تم تسجيل محاكمات لصحفيين، وتضييق على الإعلام المستقل.
2. استقلالية القضاء على المحك:
ناقش الحضور محاولات التدخّل السياسي في القضاء، من خلال حلّ المجلس الأعلى للقضاء، وإقالة قضاة بقرارات رئاسية، وهو ما يُثير القلق حول نزاهة السلطة القضائية.
3. حقوق المعتقلين والمساجين:
سلّطت الندوة الضوء على الظروف الصعبة داخل السجون التونسية، وغياب المحاسبة في حالات التعذيب أو المعاملة القاسية، إضافة إلى طول فترات الإيقاف التحفظي بدون محاكمات عادلة.
توثيق الانتهاكات: الدور الحيوي للمجتمع المدني:
أبرزت الندوة الدور الهام الذي تلعبه منظمات المجتمع المدني في توثيق الانتهاكات وتقديم تقارير مستقلة، حيث تم عرض شهادات ضحايا تعذيب ومعتقلين سياسيين سابقين، ممّا أضفى على النقاش بُعدًا إنسانيًا عميقًا.
ردود أفعال المجتمع الدولي:
حضر الندوة ممثلون عن منظمات دولية، ودول أعضاء في مجلس حقوق الإنسان. وقد عبّر عدد منهم عن قلقهم إزاء تدهور الحقوق الأساسية في تونس، مطالبين السلطات بالعودة إلى مسار الإصلاح الديمقراطي، واحترام التزاماتها الدولية.
أهم التوصيات التي خلُصت إليها الندوة:
ضمان استقلال القضاء وعدم التدخل في عمله.
حماية حرية التعبير والصحافة من كل أشكال التضييق.
إيقاف التعذيب ومحاسبة الجناة بشكل شفاف.
تحسين ظروف الاحتجاز وضمان محاكمات عادلة وسريعة.
تمكين المجتمع المدني من العمل بحرية ودون عراقيل.
تونس بعد الثورة: هل ما زال الأمل قائمًا؟
منذ ثورة 2011، انطلقت تونس في مسار ديمقراطي مليء بالتحديات، وحققت بعض المكاسب مثل الانتخابات الحرة وحرية الإعلام. لكن السنوات الأخيرة شهدت تراجعًا خطيرًا في مستوى الحريات العامة وحقوق الإنسان، ما يهدد بتقويض ما تحقق من إنجازات.
دور الإعلام والمواطنين في حماية الحقوق:
لا يمكن فصل المسار الحقوقي عن دور الإعلام والمجتمع. فالمواطن الواعي هو الركيزة الأساسية لأي تحوّل ديمقراطي. لذا، يجب أن نُركّز على نشر ثقافة حقوق الإنسان، وتشجيع الصحافة الاستقصائية، ودعم التعليم الحقوقي في المدارس والجامعات.
أين موقع تونس على الخريطة الحقوقية؟
رغم التحديات، ما زالت تونس تحتفظ بمكانة خاصة في العالم العربي، بفضل وجود مجتمع مدني نشط، وصحفيين شجعان، وقضاة مستقلين. لكن استمرار هذا الدور يحتاج إلى إرادة سياسية حقيقية، واحترام للدستور والمواثيق الدولية.
التوصيات المستقبلية: كيف نمضي قدمًا؟
تعزيز الشفافية الحكومية في التقارير والممارسات.
فتح حوار وطني شامل يجمع السلطة، المعارضة، والمجتمع المدني.
الاستفادة من آليات الأمم المتحدة للدعم الفني والرقابة.
الضغط الشعبي السلمي من أجل الحقوق الأساسية.
محاربة الإفلات من العقاب عبر آليات مستقلة.
خاتمة: الطريق لا يزال طويلاً ولكن ليس مستحيلاً:
إنّ الندوة التي نظّمتها جمعيّة ضحايا التعذيب ومنظّمة التضامن لحقوق الإنسان كانت مناسبة مهمّة لعرض الواقع الحقوقي في تونس بموضوعية وشفافية. رغم التحديات والصعوبات، فإن هناك أملًا كبيرًا في تحقيق العدالة والحرية، إذا توفرت الإرادة السياسية والمشاركة المجتمعية الواعية.
تونس تقف اليوم على مفترق طرق، والاختيار بين العودة إلى الوراء أو التقدّم نحو دولة قانون وحقوق لا يُبنى إلا على مشاركة جميع الأطراف، محليًا ودوليًا، دون استثناء.
رحلة من القمع إلى العدالة: كيف تحدّت جمعيّة ضحايا التّعذيب الوزير عبد الله القلال؟ | AVTT
عادل الماجري نائب رئيس جمعية ضحايا التعذيب ضيف برنامج الحصاد 24 على قناة الزيتونة | AVTT
برنامج حصاد 24 يستضيف السيد عادل الماجري: نقاش حول قضايا حقوق الإنسان في تونس | AVTT
السيّد عادل الماجري نائب رئيس جمعيّة ضحايا التّعذيب ضيف قناة وطن 2023 | AVTT
برنامج حصاد 24 يستضيف السيد عادل الماجري: نقاش حول قضايا حقوق الإنسان في تونس | AVTT
الملتقى الإلكتروني الرابع لسفراء السلام مستقبل الأمة بين الالام و الامال | AVTT
الملتقى الإلكتروني الرابع لسفراء السلام مستقبل الأمة بين الالام و الامال | AVTT
النّدوة الحقوقية ضدّ الإفلات من العقاب والدّعوة لتحرير المساجين السّياسيّين بباريس | AVTT
خيمة اعلامية حقوقية تحسيسية للتضامن مع المعتقلين السياسيين في تونس | AVTT
اليوم الدّولي للتّضامن مع المعتقلين السّياسيّين والدّفاع عن دولة القانون والمؤسّسات في تونس | AVTT
معرض صور وخيمة اعلامية وحقوقية في ساحة الامم المتحدة بجنيف | AVTT
معرض صور وفعاليات إعلامية للمطالبة بالحرية لجميع المعتقلين السياسيين في تونس | AVTT
مظاهرة من أجل تونس: نجاح كبير بتعبئة قوية! | AVTT
مظاهرة من أجل تونس: نجاح كبير بتعبئة قوية! | AVTT
الإعلام الدولي يتفاعل مع تقرير جمعية ضحايا التعذيب | AVTT
الوقفة التضامنية: صوت الحرية أمام القنصلية التونسية في باريس | AVTT
الوقفة التضامنية: صوت الحرية أمام القنصلية التونسية في باريس | AVTT