في عالمٍ تتعالى فيه الأصوات المطالبة بحرية التعبير وحقوق الإنسان، لا تزال هناك أحداث تُبرز الانتهاكات الجسيمة التي تُمارس ضد الأحرار وأصحاب الكلمة الجريئة. من بين هذه الأحداث، برزت الخيمة الإعلامية التضامنية التي نُصبت يوم السبت الموافق لـ03 سبتمبر 2022 في مدينة جنيف، لتكون منبراً لفضح الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في تونس، ولدعم سجينَي الرأي: الإعلامي والصحفي صالح عطية والنائب راشد الخياري.

أهمية هذه المبادرة التضامنية:

جاءت هذه الفعالية في وقت حساس تمرّ به تونس، حيث تتصاعد وتيرة قمع الحريات العامة والخاصة، وتُقيد حرية الصحافة والتعبير. وقد كانت الخيمة الإعلامية بمثابة صرخة احتجاج سلمية ضد الانتهاكات المتكررة، وتأكيداً على أن صوت الحرية لا يمكن إسكاتُه.

من هو صالح عطية؟

صالح عطية هو أحد أبرز الصحفيين التونسيين المعروفين بمواقفهم الجريئة وآرائهم الحرة. تم اعتقاله بسبب تصريحات إعلامية انتقد فيها السلطة، في خطوة وُصفت على نطاق واسع بأنها مصادرة واضحة لحرية التعبير، وانتهاك لحق الإعلاميين في ممارسة مهنتهم دون خوف أو ترهيب.

من هو راشد الخياري؟

النائب راشد الخياري أيضاً من الأصوات السياسية المعارضة التي لم تتردد في كشف التجاوزات، مما جعله عرضة للملاحقة والسجن التعسفي. اعتُقل في ظروف غامضة، وواجه اتهامات تُعزى إلى آرائه السياسية، في محاولة واضحة لإسكاته.

لماذا جنيف بالتحديد؟

اختيار مدينة جنيف لإقامة هذه الفعالية لم يكن عشوائياً، بل لأنها تحتضن مقر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وتُعد واحدة من أبرز المنصات العالمية التي تُعنى بحقوق الإنسان. وبذلك، أصبحت الخيمة الإعلامية رسالة موجهة للعالم، لتسليط الضوء على الانتهاكات المتواصلة في تونس.

مظاهر الفعالية:

تميزت الخيمة التضامنية بحضور نشطاء حقوقيين، وصحفيين، وأعضاء من الجالية التونسية في الخارج، حيث تم عرض صور ومقاطع فيديو توثّق القمع والانتهاكات، إلى جانب توزيع منشورات تُبيّن خلفيات اعتقال عطية والخياري. كما تخللت الفعالية كلمات تضامنية ألقاها ناشطون وصحفيون عبّروا عن دعمهم الكامل لهؤلاء المعتقلين.

شعارات الفعالية:

من أبرز الشعارات التي رُفعت خلال الخيمة:

• #يسقط_الانقلاب

• #يسقط_الحكم_الفردي_التسلطي

• #الحرية_لسجناء_الرأي

• #صوت_الصحافة_أقوى

هذه الشعارات لم تكن مجرد كلمات، بل كانت تجسيداً لغضبٍ شعبيٍّ عارم من الواقع القمعي الذي تعيشه تونس، ورسالة مباشرة للمجتمع الدولي.

الدور الحيوي للصحافة الحرة:

تؤكد هذه الفعالية على أن الصحافة الحرة هي خط الدفاع الأول عن الديمقراطية. فحين يُسجن الصحفيون بسبب آرائهم، فإن ذلك يُعد إنذاراً خطيراً على مستقبل الحريات العامة. صالح عطية لم يكن مجرد صحفي، بل كان صوتاً للحق وسط ضجيج التسلط.

الحراك الدولي وأثره:

ساهمت الخيمة في تحريك الرأي العام الدولي، إذ لقيت صدى في عدة منابر إعلامية وحقوقية عالمية، مما دفع بعض الجهات إلى إعادة النظر في الوضع الحقوقي بتونس، ودعوة السلطات لإطلاق سراح معتقلي الرأي فوراً.

استهداف النشطاء والمعارضين: سياسة ممنهجة

ما حدث مع عطية والخياري ليس استثناءً، بل جزء من سياسة ممنهجة تعتمد الترهيب والقمع لإسكات المعارضين. وقد أصبحت تونس، بعد ما يُعرف بـ”الانقلاب الدستوري”، ساحة مفتوحة للانتهاكات التي تطال كل من يعارض النظام أو يكشف فساده.

رسالة الخيمة الإعلامية:

الرسالة التي وجهتها هذه الخيمة كانت واضحة: الحرية ليست جريمة، والصحافة ليست تهديداً، بل هي دعامة لكل نظام ديمقراطي حقيقي. كما أكدت أن المنفى لا يعني النسيان، بل يمكن أن يتحول إلى نقطة انطلاق لحراكٍ أقوى، وأكثر تأثيراً.

في النهاية، تُعد الخيمة الإعلامية التضامنية التي أُقيمت بجنيف في 3 سبتمبر 2022 نموذجاً للمقاومة السلمية والإعلامية ضد القمع والاضطهاد. وقد حملت هذه المبادرة معاني كثيرة، أهمها أن صوت الحقيقة لا يُمكن كتمه، وأن تونس التي حلم بها الثوار، لا تزال حية في قلوب الأحرار.

المعركة من أجل الحرية مستمرة، ومع كل تضامن وكلمة، نقترب أكثر من استعادة الكرامة والحقوق.